الآية رقم (167) - وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ

ألا يعلم الله سبحانه وتعالى؟ طبعاً هو يعلم، انظروا قوله: ﴿وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ، ثمّ: ﴿وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ، إذاً في غزوة أُحُد بعد أن حدث هذا الانكسار وانخذل قسم مع المنافقين، وقسم لم يستجب والنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يدعوهم في أخراهم، إذاً هذا علم حجّة عليكم، الله سبحانه وتعالى يعلم سابقاً هذا الأمر لكنّه ربط السّبب بالمسبّبات، وأعطى الأوامر وترك الخيار للإنسان، والله سبحانه وتعالى يعلم سابقاً ماذا ستختار، فهو يحاسبك على اختيارك لا يحاسبك على علمه؛ لأنّ علمه من قيوميّته ومن صفاته الّتي لا يحيط بها العقل البشريّ، فلا يستطيع عقل مخلوق أن يُحيط بمن خلقه وبصفات مَن خلقه، ومهما توصّل العقل إلى علوم فلن يستطيع أن يعرف كيفيّة علم الله سبحانه وتعالى، وماهية حكمته، ومدى قدرته إلّا ما أخبر الله عنه، مستحضراً دوماً قوله سبحانه وتعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ[الشّورى: من الآية 11].

﴿وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ﴾: في البدء عندما انخذل عبد الله بن أبيّ بن سلول بثلث الجيش عندما قيل لهم: تعالَوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا الهجوم عن بيوتكم في المدينة المنوّرة، قالوا: ﴿لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْلكنّ الله تعالى يعلم السّرّ وأخفى، فأخرج ما في أنفسهم وأظهره لنا كأنّهم قالوه، لذلك قال سبحانه وتعالى: ﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ، فهم يعلمون تماماً أنّ القتال حاصلٌ.

وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا: وليعلم سبق إعرابها

الَّذِينَ: اسم موصول مفعول به والجملة معطوفة على «وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ»

جملة «نافَقُوا» صلة الموصول

وَقِيلَ لَهُمْ: فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور بعده ونائب الفاعل هو يعود إلى مصدر الفعل وقيل نائب الفاعل الجملتان: «تَعالَوْا قاتِلُوا … » و «فِي سَبِيلِ» متعلقان بقيل

اللَّهِ: لفظ الجلالة مضاف إليه.

أَوِ ادْفَعُوا: عطف على قاتلوا مثله فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل

قالُوا: الجملة استئنافية

لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا: لو حرف شرط غير جازم وفعل مضارع ومفعوله والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن والجملة مقول القول

لَاتَّبَعْناكُمْ: فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم، واللام واقعة في جوابه

هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ: هم أقرب مبتدأ وخبر تعلق به الجار والمجرور للكفر ومنهم وكذلك الظرف يومئذ

يوم: ظرف زمان متعلق بأقرب

إذ: ظرف لما مضى من الزمن مبني على السكون في محل جر بالإضافة، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين

لِلْإِيمانِ: متعلقان بأقرب أيضا.

يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ: فعل مضارع متعلق به الجار والمجرور والواو فاعله والجملة مستأنفة

ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ: ما اسم موصول مفعول به والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر ليس والجملة صلة

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ: لفظ الجلالة مبتدأ وأعلم خبر متعلق به الجار والمجرور والجملة في محل نصب حال وجملة يكتمون صلة ما.

وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ: عبدَ الله بن أبيّ ابن سلول المنافق وأصحابَه، الذين رجعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، حين سار نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين بأحد لقتالهم، فقال لهم المسلمون: تعالوا قاتلوا المشركين معنا، أو ادفعوا بتكثيركم سوادنا! فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لسرنا معكم إليهم، ولكنا معكم عليهم، ولكن لا نرى أنه يكون بينكم وبين القوم قتالٌ! فأبدوْا من نفاق أنفسهم ما كانوا يكتمونه، وأبدوا بألسنتهم بقولهم: ” لو نعلم قتالا لاتبعناكم “، غير ما كانوا يكتمونه ويخفونه من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل الإيمان به