الآية رقم (6-7') - وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ () إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ

﴿ وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ : وإذا كان للشّياطين عذاب السّعير فإنّ للّذين كفروا بربّهم عذاب جهنّم الّذي يبدأ بسماع شهيق جهنّم في أثناء فورانها.

﴿ سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا ﴾: الشّهيق: هو قوّة تجذب وتسحب الهواء إلى الأنف والصّدر، فما بالنا بقوّة شهيق جهنّم وهي تجذب وتسحب الّذين وقع عليهم الأمر بالعذاب من الّذين كفروا بالله سبحانه وتعالى؟! وهذه النّار نفسها تردّ على سؤال الحقّ لها عندما تسمع قوله جل جلاله: ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ [ق]، فقوّة العذاب الّتي جعلها الله سبحانه وتعالى مَهمّة لجهنّم هي الّتي تلحّ وتندفع لطلب المزيد من عقاب الكافرين، ولأنّ للنّار شهيقاً فهي تستنشق المكتوب عليهم العذاب، والشّهيق يتمّ بسرعة أكبر من الزّفير، فهي تشهق لتبتلع العصاة، وقد اشتاقت لأهلها الكفّار وانتظرتهم وتلهّفت عليهم، كما يقول سبحانه وتعالى﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ﴾ [ق]، وكما للنّار شهيقٌ فإنّ لها زفيراً أيضاً، يقول سبحانه وتعالى: ﴿ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ﴾ [الفرقان]، والزّفير: النّفس الخارج، ومن يدخل النّار سيكون له شهيقٌ وزفيرٌ أيضاً، يقول سبحانه وتعالى: ﴿ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ﴾[هود: من الآية 106]، ونحن نعلم أنّ الّذي يتنفّس في النّار سيخرج الهواء من صدره ساخناً مثلما يأخذ الشّهيق ساخناً، فكيف سيكون الأمر؟!

﴿ وَهِيَ تَفُورُ ﴾: ومعنى كلمة: ﴿ تَفُورُ ﴾؛ أي: أنّها وصلت إلى درجة الغليان كالماء، والماء يحتوي على هواء، بدليل أنّ السّمك يتنفّس من الماء، وحين نغلي الماء نرى فقاقيع الهواء، وهي تخرج من الماء.

﴿ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا ﴾: فهم عند إلقائهم في النّار يسمعون للنّار شهيقاً وهي تلتهمهم وتبلعهم، كأنّها عمليّة شفط لهم.

فالمشهد مريع، وكيف تبتلع وكيف تغلي وكيف تفور؟! وقد وصف الحقّ تبارك وتعالى هذا المصير، فقال:

﴿ وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾: والمصير: هو المرجع الأخير لأيّ شيء، وهنا معناها؛ أي: ساءت نهايتكم ومرجعكم، ويقول الله سبحانه وتعالى في آيةٍ أخرى: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾ [المائدة]، ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾؛ أي عذابٌ دائمٌ، فإن كان العذاب أليماً يبقى الألم على شدّته ولا يخفّف أبداً، وإن كان مهيناً تبقى الإهانة مستمرّة ولا تزول أبداً، وفي كلتا الحالتين هو عذابٌ فيه إقامة، وفيه دوامٌ واستمرارٌ.

«وَلِلَّذِينَ» خبر مقدم

«كَفَرُوا» ماض وفاعله

«بِرَبِّهِمْ» متعلقان بالفعل والجملة صلة الذين

«عَذابُ» مبتدأ مؤخر

«جَهَنَّمَ» مضاف إليه والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها

«وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» ماض جامد وفاعله والجملة استئنافية لا محل لها.

«إِذا أُلْقُوا» إذا ظرفية شرطية غير جازمة وماض مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة في محل جر بالإضافة

«فِيها» متعلقان بالفعل

«سَمِعُوا» ماض وفاعله والجملة جواب الشرط لا محل لها

«لَها» متعلقان بالفعل

«شَهِيقاً» مفعول به

«وَهِيَ تَفُورُ» مبتدأ ومضارع فاعله مستتر والجملة خبر المبتدأ والجملة الاسمية حال

شهيقا صَوْتا مُـنـْـكرًا كصوت الحمير
تفور تغلي بهم غليَان القِدْر بما فيها