الآية رقم (132) - وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ

﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ۚ﴾: درجاتٌ في العمل، فالإنسان يسير في هذه الدّرجات، أو يهبط في الدّركات من خلال عمله، وليس من خلال قوله، يقول النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنّ الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»([1])، وبيّن الله سبحانه وتعالى لنا في كثيرٍ من الآيات بأنّ الإيمان إذا لم يقترن بالعمل الصّالح فلا جزاء له، فقال جلَّ جلاله: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ﴾ [النّجم]، ﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر]، وقال عزَّ وجلّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ]يونس[، ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾ [الكهف]، فالقضيّة هي قضيّة أعمالٍ وسلوكيّاتٍ، فلم يأت الإسلام بخطبٍ رنّانةٍ، ولم ينتشر بالمواعظ وإلقاء الكلمات من على المنابر فقط، وإنّما انتشر بالسّلوكيّات والأخلاق، بالصّدق والأمانة والإيثار والخير الّذي يعمّ النّاس من جرّاء تعاليم هذا الدّين ورفع الحيف عن النّاس، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النّحل]، والله سبحانه وتعالى يبيّن أنّ الدّعوة إليه طريقها الأسوة السّلوكيّة برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حيث قال المولى سبحانه وتعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب].

﴿وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾: الله سبحانه وتعالى يعلم السّرّ وأخفى، ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزّلزلة].


([1]) صحيح مسلم: كتاب البرّ والصّلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله، الحديث رقم (2564).

وَلِكُلٍّ: متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

دَرَجاتٌ: مبتدأ مؤخر

مِمَّا: ما موصولة أو مصدرية مبنية على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لدرجات.

عَمِلُوا: الجملة صلة

وَما: الواو استئنافية أو حالية. وما الحجازية تعمل عمل ليس.

رَبُّكَ: اسمها.

بِغافِلٍ: الباء حرف جر زائد، غافل اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر ما، والجملة مستأنفة لا محل لها أو حالية.

عَمَّا: مثل مما أي ما موصولة أو مصدرية والمصدر المؤول في محل جر بعن والجار والمجرور متعلقان بغافل

جملة «يَعْمَلُونَ» صلة الموصول لا محل لها.

وَلِكُلٍّ: من العاملين

دَرَجاتٌ: مراتب جزاء على وفق أعمالهم

مِمَّا عَمِلُوا: من خير أو شر.