﴿لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم﴾: يُعبّر عن المال بالأكل، وليس فقط عن الطّعام، فإذاً هو تعبيرٌ عامٌّ وجامعٌ، فعندما يقول:
﴿لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ﴾ أي نزلت عليهم الخيرات من فوقهم, فالماء الّذي ينزل من السّماء هو الّذي ينبت الزّرع وهو الّذي يحيي الضّرع.
﴿وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم﴾: أي من الأرض وما تخرج من معادن وذهبٍ ونحاسٍ وبترولٍ ونباتاتٍ, فلو أبقى الإنسانُ الصّلاح على صلاحه وأخذ بما أرسل الله سبحانه وتعالى: ﴿لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم﴾ لجاءهم ما يؤدّي إلى استمرار الحياة من خلال ما ينزل من رزقٍ من فوقٍ أو من تحت الأرض، والله سبحانه وتعالى جعل الإنسان يستطيع أن يبقى بلا طعامٍ ثلاثين يوماً، وبلا ماءٍ ثلاثة أيامٍ، وبلا هواءٍ نفساً واحداً، فممكن أن يحتكر البشر الطّعام فتصبر عن الطّعام ثلاثين يوماً، وتصبر عن الماء ثلاثة أيامٍ؛ لذلك هناك من يستطيع أن يحتكر الماء لكنّه أقلّ ممّن يحتكر الطّعام؛ لأنّ الإنسان بحاجة الماء أكثر، أمّا الهواء فلا يستطيع أحدٌ احتكاره إلّا الله سبحانه وتعالى، فلا يستطيع أحدٌ أن يقول: سأمنع عنك الهواء.
﴿مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ﴾: هذا قانون صيانة الاحتمال، فمنهم أمّةٌ مقتصدةٌ أو جماعةٌ مقتصدةٌ، وهم الّذين يسيرون في السّبيل القاصد، أي في السّبيل الّذي يوصل إلى الغاية.