كانت الآيات في بداية سورة (النّساء): ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ﴾ [النّساء]، وقد فسّرت هذه الآيات بأنّه يجب علينا ألّا نأخذ إباحةً وندع إلزاماً في الدّين، فمعظم المشكلات الّتي نقع فيها في تعاملنا مع ديننا بأنّنا نأخذ إباحةً وندع إلزاماً، فالله سبحانه وتعالى أباح لك الميراث لكنّه ألزمك بالمساواة والوصاية وغيرها…، وموضوع التّعدّد جاء ضمن حلٍّ لمشكلةٍ كانت قائمةً، وكان التّعدّد كبيراً وتحدّثنا عنه، وهنا يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ وهذا العدل هو الميل القلبيّ والدّليل على ذلك تتمّة الآية: ﴿فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ﴾ تميلوا ميل قلبٍ، كما كان يقول صلَّى الله عليه وسلَّم: «اللّهمّ هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك»([1]). بالنّسبة للتّعدّد، المطلوب هو العدل، ﴿فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ﴾ أي أن يميل الإنسان كلّ الميل باتّجاه زوجةٍ ويترك الأخرى وهي معلّقةٌ من غير أن يطلّقها.
﴿وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾: نلاحظ التّأكيد وتكرار كلمتين اثنتين وهما تصلحوا وتتّقوا، الإصلاح والتّقوى، التّقوى جماع كلّ خيرٍ، والإصلاح هو رأب ما فسد وإعادة الأمور إلى نصابها ومجراها، فإذاً لا يطلب الدّين من الإنسان العنف وإنّما يطلب منه اللّطف.