﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا﴾: أي جاء عند ميقاتنا.
﴿وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾: كلّمه الله سبحانه وتعالى، لكن علينا أن نضع الأمر المتعلّق بالله سبحانه وتعالى بأنّه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشّورى: من الآية 11]، علّمنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أنّه عندما نأتي إلى صفةٍ من صفات الله سبحانه وتعالى أو أمرٍ يتعلّق بجلاله سبحانه وتعالى يجب أن ننزّهه عن الشّبيه والمثيل، وموسى هو الكليم الّذي استمع، الله سبحانه وتعالى لا يكلّم مباشرةً، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الشّورى]، ولكنّه كلّم موسى عليه السّلام بالكيفيّة الّتي تليق بكمالاته سبحانه وتعالى من غير أن نشبّه أو أن نعطّل، كلّم الله سبحانه وتعالى موسى عليه السّلام عندما خرج بأهله من مدين وجاء بهم قال سبحانه وتعالى: ﴿إِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ﴾ [طه]، وعندما كلّمه ربّه أَنِس موسى عليه السّلام بالله سبحانه وتعالى فأراد ما هو أكثر، فـ ﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾: موسى طمح بشيءٍ لا يحقّ له أن يطمح به، لكنّه لم يقل: ربّ أرنِي إيّاك، أو ربّ اجعلني أراك، وإنّما قال: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾؛ أي أنّ موسى عليه السّلام يعلم أنّ تركيبته البشريّة لا تستطيع أن تحيط برؤية الله سبحانه وتعالى، فقال: أرني، إذاً أنا لن أرى بالبصر، لقوله سبحانه وتعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام]، لذلك قال: أرني أنت فأنا لا أستطيع أن أرى.