﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾: كان يجب أن يأخذوا عبرة ويروا ما جرى للّذين سبقوهم، فقد كذّب الّذين من قبلهم بالرّسل وأهانوهم، فمشركي مكّة ليسوا هم أوّل من كذّب، بل هو دأب الّذين من قبل، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الحجر]، وأصحاب الحجر هم قوم صالح عليه السلام. وهؤلاء مثل آل فرعون، قال سبحانه وتعالى: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [آل عمران]، والتّكذيب هو تأبٍّ من المكذّب، وهو إنكار لقول أو فعل.
﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾: فكيف كانت العقوبة والألم؟! والنّكير: هو الإنكار على شخصٍ بتغيير حاله من نعمة إلى نقمة، كالّذي يُكرمك ويُغدق عليك، ثمّ يقطع عنك هذا كلّه، فتقول: لماذا تنكّر لي فلان؟ يعني: قطع عنّي نعمته.
وقوله جل جلاله: ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾؛ أي: فكيف كان إنكاري لموقفهم من عدم أداء حقوق النّعمة؟! فبدّلها الله سبحانه وتعالى عليهم بالعذاب.