الآية رقم (65) - وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ

يخاطب الله سبحانه وتعالى بهذا القول اليهود الّذين كانوا في جزيرة العرب في المدينة المنوّرة وقت التّنزيل.

وقد ذُكر في القرآن الكريم يومان فقط من أيّام الأسبوع، وهما الجمعة والسّبت. وذُكر اسم الجمعة في سورة (الجمعة): ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ] الجمعة: من الآية 9[، والسّبت ذُكر هنا وفي سورة (الأعراف). وأيّام الأسبوع سبعة: الأحد، الإثنين، الثّلاثاء، الأربعاء، الخميس، وسُديس هو يوم الجمعة، وسُبيع هو يوم السّبت، فالجمعة والسّبت أسماء لا تتعلّق بالعدّ، بل اختلفت عن سابقاتها.

وكان تمام الخلق في ستّة أيّام، وجمعهم يوم الجمعة، فسمّي بالجمعة وثبت واستقرّ أمر الخلق في يوم السّبت، وهو يعني السّبات، وجعله عند اليهود يوم عيد وراحة لا يجوز العمل فيه، وأراد الله سبحانه وتعالى أن يبتليهم ليختبر إيمانهم وطاعتهم، وكانوا يعيشون قرب البحر، ويعتمدون على الصّيد، فجعل الله سبحانه وتعالى السّمك والحيتان تكثر يوم السّبت، ولا يجوز لهم أن يعملوا يوم السّبت، فكانوا يحتالون فيضعون أقفاصاً (يرمون شباك الصّيد) يوم السّبت يتجمّع فيها السّمك، ويأخذونها يوم الأحد. والله سبحانه وتعالى لا يُخدَع بمثل هذا، وقد وردت هذه القصّة في سورة (الأعراف) في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ] الأعراف[،  وهم اعتدوا على أوامر الله سبحانه وتعالى فقال لهم جلّ وعلا: ﴿ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ.

والإنسان لا يمسخ قرداً بإرادته بل هي كلمة ﴿كُن   الإلهيّة، وبكلمة ﴿كُونُواْ تحوّل كلّ من خالف وعمل يوم السّبت منهم وعصى الله سبحانه وتعالى إلى قردة وخنازير، أي مُسخوا وانقرضوا.. ولم يشمل هذا الأمر الجميع، بل أصاب الّذين عصوا واعتدوا فقط. وهذه القصّة مشهورة عندهم يعرفها كلّ بني إسرائيل، يرويها الآباء منهم للأبناء، ولهذا قال لهم تبارك وتعالى: ﴿لقَدْ عَلِمْتُمُ وقال بعض المفسّرين: مُسِخوا خَلقاً وخُلُقاً، فصارت أخلاقهم مثل أخلاق القردة والخنازير، وجاء في آية أخرى قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ]المائدة: من الآية 60[؛  لكثرة ما جحدوا وعصوا، فهذه العقوبة كانت حصيلة لكلّ ما فعلوه من قبل.

وَلَقَدْ: الواو استئنافية. اللام واقعة في جواب القسم، قد حرف تحقيق.

عَلِمْتُمُ: فعل ماض وفاعل.

الَّذِينَ: اسم موصول مفعول به.

اعْتَدَوْا: فعل ماض وفاعل والجملة صلة.

مِنْكُمْ: متعلقان بمحذوف حال، والتقدير اعتدوا ظالمين منكم.

فِي السَّبْتِ: متعلقان بالفعل قبلهما.

فَقُلْنا: الفاء عاطفة، قلنا فعل ماض وفاعل، والجملة معطوفة.

لَهُمْ:ةمتعلقان بقلنا.

كُونُوا: فعل أمر ناقص، والواو اسمها وخبرها

«قِرَدَةً» و «خاسِئِينَ»: خبر ثان، وقيل صفة

(كونوا قردة): مقول القول.

اعْتَدَوْا:تجاوزوا الحد السَّبْتِ اليوم المعروف، وقد نهاهم الله عن صيد السمك فيه، وهم أهل أيلة وهي القرية التي كانت حاضرة

البحر.

خاسِئِينَ: بعيدين عن رحمة الله، وقد هلكوا بعد ثلاثة أيام.