﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ﴾: فلا عذر لهم، فقد جئناهم بكتابٍ وهو القرآن الكريم، ﴿فَصَّلْنَاهُ﴾: أي فصّلنا أحكامه ومعانيه ومواعظه وقصصه على علم الله سبحانه وتعالى، فالعليم سبحانه وتعالى نزّل هذا الكتاب الكريم مفصّلاً، فيه هداية الدّلالة لكلّ النّاس.
﴿هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾: هذا الكتاب فيه هدايةٌ، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [الإسراء]، قد يقول قائلٌ: كيف يكون هذا الكتاب شفاءً ورحمةً، وهو في الوقت ذاته خسارةٌ للكافرين؟ فهنا نقول: القابل مختلفٌ والفعل واحدٌ، مثلاً: إذا كان الإنسان في حالة بردٍ فإنّه ينفخ في كفّيه طلباً لتدفئتهما، وإذا أراد أن يشرب كأساً من الشّاي فإنّه ينفخ فيه أيضاً ليبرّده فيستطيع شربه، فإذاً الفعل واحدٌ لكنّ القابل مختلفٌ، لذلك قال المولى سبحانه وتعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [الإسراء]، وهنا قال أيضاً: ﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً﴾ ، لمن؟ ﴿لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ ، القوم الّذين آمنوا أخذوا بهداية الدّلالة، فجاءتهم الرّحمة وجاءتهم هداية المعونة، وأمّا الّذين رفضوا هذه الهداية فقد خسروا؛ لأنّهم رفضوا القرآن الكريم والإيمان به.