الآية رقم (18) - وَلَا يَسْتَثْنُونَ

﴿وَلَا يَسْتَثْنُونَ: أي: لم يقولوا: إن شاء الله، فإيّاك أن تقول: إنّي سأفعل شيئاً إلّا أن تربطه بمشيئة الله عز وجل؛ لأنّك إن قلت فأنت لا تضمن عمرك ولا إنفاذ وعدك، وإنّك لن تفعل شيئاً إلّا بإرادة الله عز وجل، لذلك فلا تعد إلّا بالمشيئة، لذلك قال تعالى﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الكهف: الآية 23- من الآية 24]، فالإنسان لا يملك الزّمان ولا المكان، ولا يملك أن يظلّ السّبب قائماً ليفعل ما كان يريد أن يفعله، فكلّ هذه العناصر الفاعل والمفعول والزّمان والمكان والسّبب لا يملكها إلّا الله عز وجل.

ولكنّ بعض العلماء ذهبوا إلى تأويل قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَسْتَثْنُونَأنّ معناه لا يتركون شيئاً من ثمر أشجار جنّتهم يوزّعونه على الفقراء والمساكين كما كان يفعل أبوهم.

والحقّ تعالى قرّر حقّاً للسّائل والمحروم، فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج]، فالحقّ المعلوم هو الزّكاة، أمّا المحسن فللسّائل والمحروم في ماله حقّ غير معلوم، فلا يصحّ أن ينسب الإنسان المال كلّه إلى نفسه؛ لأنّ له شركاء فيه هما السّائل والمحروم، فالمال ملكيّة صاحبه باستثناء حقّ السّائل والمحروم، ولم يحدّد المولى تعالى هنا هذا الحقّ بـأنّه حقٌّ معلومٌ، بل جعله حقّاً غير معلوم أو محدّد، والله تعالى لم يفرض على المسلم إلّا الزّكاة، ولكن مَنْ يرغب في مقام الإحسان فهو يبذل من ماله للسّائل والمحروم، والشّارع الحكيم حين كفل هذا الحقّ للفقراء فإنّما يحمي به الفقراء والأغنياء على حدٍّ سواء، وقد حدّد الشّارع هذا الحقّ حتّى لا نزهد في العطاء خاصّة في الزّكاة.

وهؤلاء مكروا سيّئاً فحاق بهم ما مكروه، يقول تعالى: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ [فاطر: من الآية 43]، فكان عقابهم:

لا نافية ومضارع مرفوع والواو فاعله والجملة استئنافية لا محل لها.

 

{وَلَا يَسْتَثْنُونَ} … وَلَا يَنْوُونَ اسْتِثْنَاءَ حِصَّةِ المَسَاكِينِ، وَلَمْ يَقُولُوا: إِنْ شَاءَ اللهُ