الآية رقم (158) - وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ

في الآية السّابقة قدّم القتل على الموت، وهنا قدّم الموت على القتل، وفي القرآن الكريم كلّ كلمة لها حكمة، ولها معنى، ولها قصد، ففي الآية السّابقة كان الحديث عن المآل وعن النّتيجة، وهنا الحديث عن القاعدة العامّة لكلّ النّاس، من مات منهم ومن استشهد، ولكن أيّهما الأكثر حدوثاً، الموت أم القتل؟ كم من المليارات من البشر ماتت حتّى الآن؟ إذاً الموت هو القاعدة العامّة، لذلك قدّمه على القتل: ﴿وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ.

﴿لإِلَى الله تُحْشَرُونَ: تغيّر هنا تذييل الآية عن الآية السّابقة، فلم يقل مغفرة ورحمة، بل ذكر المآل أي المستقرّ النّهائيّ، فأنت تتصوّر رحمات الله وعطاء الله ورضوان الله ومغفرة الله، وتتصوّر أيضاً غضب الله وعقابه؛ لأنّ المرء سيُحشر إلى الله سبحانه وتعالى.

وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ: ولئن متم سبق مثلها أو قتلتم عطف على متم لإلى الله اللام واقعة في جواب القسم والجار والمجرور متعلقان بالفعل المبني للمجهول بعده والجملة جواب القسم.

ولئن متم أو قتلتم: أيها المؤمنون، فإن إلى الله مرجعكم ومحشركم، فيجازيكم بأعمالكم، فآثروا ما يقرّبكم من الله ويوجب لكم رضاه، ويقربكم من الجنة، من الجهاد في سبيل الله والعمل بطاعته، على الركون إلى الدنيا وما تجمعون فيها من حُطامها الذي هو غير باقٍ لكم، بل هو زائلٌ عنكم، وعلى ترك طاعة الله والجهاد، فإن ذلك يبعدكم عن ربكم، ويوجب لكم سخطه، ويقرِّبكم من النار.