الآية رقم (56) - وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ

﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾: من هو المحسن؟ عندما سئل النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن الإحسان قال: «أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك»([2])، العبادة هي الطّاعة وامتثال أمر الله سبحانه وتعالى، ويقول سبحانه وتعالى عن صفات المحسنين: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ (16) انُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [الذّاريات]، فرحمة الله سبحانه وتعالى ستكون قريبةً من المحسنين، لكنّ الملفت للنّظر أنّ الآية جاءت: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾، ونعتقد أنّها ستكون: (قريبةٌ)، وهناك سببان لقوله سبحانه وتعالى ﴿قَرِيبٌ﴾: الأوّل: أنّ الله سبحانه وتعالى قريبٌ من المحسنين، فهي عائدة على الله سبحانه وتعالى، والثّاني: بأنّ ﴿قَرِيبٌ﴾ على وزن فعيل، ووزن فعيل في اللّغة يتساوى فيه المذكّر والمؤنّث، مثلاً: كلمة (قتيل)، تقول عن المرأة: قتيل، وتقول عن الرّجل: قتيل، فقتيل على وزن فعيل.

إنّ عطاء الله سبحانه وتعالى وتجاوزه عن السّيّئات ورحمته قريبةٌ من المحسنين، فرحمة الله سبحانه وتعالى تغشاك، وطالما أنّها تغشاك فسيستجاب دعاؤك، والدّعاء هو العبادة كما قال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، إذاً علينا بالدّعاء والله سبحانه وتعالى تكفّل بالاستجابة، فإذا دعا العبد يدعو تضرّعاً وخفيةً، بخشوعٍ وانكسارٍ، وخوفاً من غضب الله عزَّ وجلّ وطمعاً في رحمته جلَّ جلاله، هذه هي شروط الدّعاء الّتي وردت في القرآن الكريم.


([1]) صحيح مسلم: كتاب الزّكاة، باب قبول الصّدقة من الكسب الطّيّب، الحديث رقم (1015).
([2]) صحيح البخاريّ: كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل u النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن الإيمان والإسلام، الحديث رقم (50).

وَلا تُفْسِدُوا: فعل مضارع مجزوم بحذف النون لسبقه بلا الناهية الجازمة والواو فاعله والجملة معطوفة.

فِي الْأَرْضِ: متعلقان بالفعل قبلهما وكذلك الظرف «بَعْدَ» متعلق بالفعل.

إِصْلاحِها: مضاف إليه.

وَادْعُوهُ: فعل أمر مبني على حذف النون وفاعله ومفعوله والجملة معطوفة

خَوْفاً وَطَمَعاً: حالان،

إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ: إن واسمها وخبرها ولفظ الجلالة مضاف إليه،

مِنَ الْمُحْسِنِينَ: متعلقان بقريب.

وجملة (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ): تعليلية لا محل لها.

وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ: بالشرك والمعاصي

بَعْدَ إِصْلاحِها: ببعث الرسل

خَوْفاً: من عقابه، والخوف: توقع الشر والمكروه

وَطَمَعاً: في رحمته، وهو توقع الخير