الآية رقم (56) - وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ

مرّ بنا أنّ الدّعاء يجب أن يكون تضرّعاً وخفيةً، وقد ورد هنا بأن يكون أيضاً خوفاً وطمعاً، خوفاً من صفات جبروته وطمعاً في صفات غفرانه، تبيّن معنا أسلوب الدّعاء وبينهما قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ ، والفساد عنوانٌ كبيرٌ، جاء الرّسل الكرام ليمنعوه في الأرض، فالله سبحانه وتعالى خلق الأرض وفيها مقوّمات حياة الإنسان، قال سبحانه وتعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الرّوم]، ولكنّ الإنسان يُفسد البيئة بالتّلوّث، ويفسد البحار، وطبقة الأوزون، ويفسد العلاقات الاجتماعيّة بالقطيعة والنّميمة والحقد والبغض والحسد..، بالإضافة إلى الفساد الماليّ والاجتماعيّ والأخلاقيّ الّذي هو على رأس الفساد، فالفساد الأخلاقيّ أن يعيش الإنسان في حياته معوّجاً يزني ويسرق ويرتكب الموبقات والفحشاء.. عندما تحدّث الله سبحانه وتعالى عن الدّعاء، فهناك شروطٌ حتّى يستجيب المولى سبحانه وتعالى لدعائك، منها أن يكون مطعمك ومشربك حلالاً، وقد ذكر النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «الرّجل يطيل السّفر أشعث أغبر يمدّ يديه إلى السّماء: يا ربّ يا ربّ، ومطعمه حرامٌ ومشربه حرامٌ وملبسه حرامٌ وغذّي بالحرام فأنّى يستجاب لذلك؟»([1])، أنّى: أي كيف، فالفساد يمنع استجابة الله سبحانه وتعالى للدّعاء.

وَلا تُفْسِدُوا: فعل مضارع مجزوم بحذف النون لسبقه بلا الناهية الجازمة والواو فاعله والجملة معطوفة.

فِي الْأَرْضِ: متعلقان بالفعل قبلهما وكذلك الظرف «بَعْدَ» متعلق بالفعل.

إِصْلاحِها: مضاف إليه.

وَادْعُوهُ: فعل أمر مبني على حذف النون وفاعله ومفعوله والجملة معطوفة

خَوْفاً وَطَمَعاً: حالان،

إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ: إن واسمها وخبرها ولفظ الجلالة مضاف إليه،

مِنَ الْمُحْسِنِينَ: متعلقان بقريب.

وجملة (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ): تعليلية لا محل لها.

وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ: بالشرك والمعاصي

بَعْدَ إِصْلاحِها: ببعث الرسل

خَوْفاً: من عقابه، والخوف: توقع الشر والمكروه

وَطَمَعاً: في رحمته، وهو توقع الخير