الآية رقم (105) - وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ

ما زال الخطاب للمجتمع في المدينة المنوّرة عندما كاد الأوس والخزرج يتنازعون نتيجةً لفعل اليهود في الإيقاع بينهم.

وفي القرآن الكريم عندما نتحدّث عن أسباب النّزول تكون العبرة بعموم المعنى لا بخصوص السّبب، والقرآن نزل منجّماً على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عبر ثلاثة وعشرين عاماً، وهناك أسباب نزول، لكن السّؤال هنا: هل كلام الله عز وجل ينطبق عليه معايير كلام البشر ذاتها؟

المشكلة أنّ عامّة النّاس يخلطون ما بين كلام الله وكلام البشر، والرّسول صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «إنّ فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه»([1])، فالله قويّ وأنت قويّ، الله غنيّ وأنت غنيّ، الله حيّ وأنت حيّ، لكنّك حيّ ثمّ تموت، غنيّ لكن قد يطرأ عليكَ الفقر، قويّ لكن يطرأ عليكَ الضّعف والمرض والهرم، فأنت في عالم أغيار، أمّا الله سبحانه وتعالى فهو لا يتغيّر ولا يتبدّل، فعليكَ أن تنسب الفعل للفاعل، فعندما يكون المتكلّم هو الله سبحانه وتعالى، فإنّ معايير الكلام تختلف عن مثيلاتها في الكلام الدّنيويّ، في الكلام الدّنيويّ إذا حدثت الآن حادثة أمامي، فحين أتكلّم ينطبق الكلام على هذه الحادثة. لكنّه قد لا ينطبق على حادثة بعد ألف عام، لكن إذا كان القائل هو الله عز وجل، فإنّ كلامه يشمل كلّ الأزمان، والقرآن الكريم نزل منجّماً، لكن قبل أن ينزل منجّماً، أليس هو كلام الله تبارك وتعالى؟!، ألم يكن في اللّوح المحفوظ كاملاً كما نقرؤه الآن؟! ونزوله لم يكن بنفس ترتيبه كما هو الآن في المصحف، لكنّه في اللّوح المحفوظ هو هكذا، يبدأ من سورة (الفاتحة) ويختتم بسورة (النّاس).

وَلا تَكُونُوا: الواو عاطفة لا ناهية جازمة تكونوا فعل مضارع ناقص والواو اسمها

كَالَّذِينَ: الكاف اسم بمعنى مثل في محل نصب خبر تكونوا أو هي حرف جر الذين اسم موصول في محل جر بالإضافة والجملة معطوفة

وجملة «تَفَرَّقُوا» صلة الموصول «وَاخْتَلَفُوا» عطف على تفرقوا

مِنْ بَعْدِ: متعلقان باختلفوا

ما جاءَهُمُ: ما مصدرية جاءهم فعل ماض ومفعول به

الْبَيِّناتُ: فاعل والمصدر المؤول في محل جر بالإضافة

وَأُولئِكَ: مبتدأ

لَهُمْ: متعلقان بالخبر المحذوف المقدم

عَذابٌ: مبتدأ مؤخر

عَظِيمٌ: صفة والجملة خبر أولئك.

ينهى هذه الأمة أن تكون كالأمم الماضية في تفرقهم واختلافهم ، وتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع قيام الحجة عليهم .