﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾: قال: بالّتي هي أحسن، ولم يقل: بالحسنى، فأيّ شيءٍ أحسن؟ مال اليتيم هو أمرٌ عظيمٌ، وإكرام اليتيم هو أمرٌ في نصّ القرآن الكريم؛ لأنّ اليتيم فقد أباه، وهو بحاجةٍ للمجتمع، لذلك نجد في القرآن الكريم: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾ [الماعون]، من الّذي يكذّب بالدّين؟ هل هو الّذي لا يصلّي ولا يصوم ولا يحجّ؟ الجواب: لا، فقد أتى إلى جزئيّةٍ مهمّةٍ؛ ليعلمك المولى سبحانه وتعالى بأنّ الدّين إنّما جاء من أجل كلّ البشر، فقال جلَّ جلاله:
﴿فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ ][الماعون]، يمنعون الخير، الماعون: هو المعونة، ويراؤون: أي يعملون للنّاس ولا يعملون لربّ النّاس، فإذا عملت لربّ النّاس فقد ضمنت المجتمع، هذا هو الدّين، وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «خير بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يُحسن إليه، وشرّ بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يُساء إليه، أنا وكافل اليتيم في الجنّة هكذا» وأشار بالسّبابة والوسطى([1])، والنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم هو اليتيم الأوّل، قال سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ﴾ [الضّحى]، وهنا قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ﴾، حتّى لا يخطر ببالك أن تقترب من مال اليتيم،﴿ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، أي أن تثمّر هذا المال لصالح اليتيم حتّى يبلغ أشدّه، ويستطيع التّصرّف بماله.
﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ﴾: انظر كم هو أمرٌ مهمٌّ المساواة بين النّاس وعدم غشّهم وخداعهم.
﴿بِالْقِسْطِ﴾: أي بالعدل.
﴿الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ﴾: الكيل للأحجام، والوزن للكثافة، فيجب أن توفّي المكيال وأن تقسط في الميزان.