الآية رقم (112) - وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ

وكلمة عدوّ تأتي للمفرد والمثنّى والجمع، قال سبحانه وتعالى: ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشّعراء]، أي كلّ الأصنام والتّماثيل عدوٌّ لي، واستخدم الكلمة ذاتها في قوله سبحانه وتعالى: ﴿قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ﴾ [الأعراف]، لكن نجد أنّ المولى سبحانه وتعالى في آياتٍ أخرى يستخدم كلمة أعداء ولا يستخدم كلمة عدوّ، يقول المولى سبحانه وتعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ [آل عمران: من الآية 103]، فمتى تأتي كلمة أعداء؟ ومتى تأتي كلمة عدوّ؟ الجواب: عندما تكون العداوة لأسبابٍ متعدّدةٍ، (عدوٌّ يُعاديك لمنصبك، وعدوٌّ يُعاديك لعملك، وعدوٌّ يُعاديك لنجاحك)، يستخدم المولى سبحانه وتعالى كلمة: ﴿أَعْدَاءً﴾، أمّا إن اجتمع كلّ الأعداء لسببٍ واحدٍ فيستخدم كلمة: ﴿عَدُوّ﴾؛ لأنّ كلّ التّماثيل شيءٌ واحدٌ وعداوةٌ واحدةٌ.

﴿شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ﴾: الشّيطان: لغةً مشتقٌّ من (شطن) بمعنى: بَعُدَ، فهو بعيدٌ عن الخير مُستغرقٌ في الشّرّ، واصطلاحاً: اسمٌ لكلّ شريرٍ مُفسدٍ من الجنّ والإنسِ، فالشّرير والقاتل والمجرم والسّارق والمفتري والكذّاب والمحتال والنّصّاب.. هذه كلّها صفاتٌ وأسماءٌ لشياطين الإنس، وشياطين الجنّ هم الجنّ الكافر، قال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)﴾ [النّاس].

وَكَذلِكَ: الواو استئنافية، ذا اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالكاف، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف نعت لمصدر محذوف يبينه ما بعده والتقدير جعلنا لكل نبي جعلا كذلك الجعل الذي جعلناه لك من العداء.

جَعَلْنا لِكُلِّ: فعل ماض ونا فاعله «نَبِيٍّ» مضاف إليه.

عَدُوًّا: مفعوله الثاني

لِكُلِّ: متعلقان بمحذوف حال من عدوا لأنه قدّم عليه.

شَياطِينَ: مفعول به أول

الْإِنْسِ: مضاف إليه.

وَالْجِنِّ: معطوف

يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ: فعل مضارع وفاعله ومفعول والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبله

الْقَوْلِ: مضاف إليه.

غُرُوراً: حال منصوبة، أو مفعول لأجله.

جملة «يُوحِي» في محل نصب صفة عدوا أو حال من الشياطين.

وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ: فعل ماض وفاعل ولو حرف شرط غير جازم والجملة مستأنفة لا محل لها

ما فَعَلُوهُ: فعل ماض وفاعل ومفعول به وما نافية والجملة لا محل لها جواب لو

فَذَرْهُمْ: الفاء هي الفصيحة. ذرهم فعل أمر والهاء مفعوله.

وَما يَفْتَرُونَ: ما مصدرية مؤولة مع الفعل بعدها بمصدر معطوف على ضمير النصب قبله التقدير فذرهم وافتراءهم. ويجوز أن تكون ما موصولة معطوفة على الهاء أيضا. وجملة فذرهم لا محل لها جواب الشرط المقدر.

عَدُوًّا: العدو: ضد الصّديق، ويستعمل للواحد والجمع والمذكر والمؤنث.

شَياطِينَ: جمع شيطان، والشياطين:المردة، قال ابن عباس: كلّ عات متمرّد من الجنّ والإنس فهو شيطان.

يُوحِي: يوسوس به الشّيطان، والإيحاء: الاعلام مع الخفاء والسّرعة كالإيماء.

زُخْرُفَ الْقَوْلِ: أي الكلام المزين الذي يبدّل الحقائق أوهامًا، ويطلق لفظ الزخرف على كلّ زينة، كالذهب للنّساء، والورود والأزهار للرّياض وغيرها.

غُرُوراً: خداعاً باطلًا.

فَذَرْهُمْ: دع الكفار.

وَما يَفْتَرُونَ: من الكفر وغيره مما زين لهم.