قال سبحانه وتعالى: ﴿قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ [آل عمران]، حملته من دون أبٍ، من دون رجلٍ، ومن المعلوم أنّ الولد يأتي من تزاوج الذّكر والأنثى، لكن هنا قال تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ [آل عمران]، خلق آدم عليه السَّلام من ترابٍ من دون أبٍ وأمٍّ، فليس عسيراً على الله سبحانه وتعالى أن يخلق من أمٍّ من دون أبٍ.
ولا بدّ من البيان للنّاس جميعاً بأنّ قولنا هذا ليس مدعاةً للخلاف والنّزاع، ويجب أن يعتاد النّاس على أنّ الخلاف لا يفسد للودّ قضيّة، قال تعالى: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [الكافرون]. لا نأخذ الجزئيّات الدّينيّة أوّلاً، نحن نؤمن أوّلاً بالله سبحانه وتعالى منزّل هذه الجزئيّات ونصدّق بعد ذلك ما يقوله تبارك وتعالى، فالأصل في التّديّن هو الإيمان بالله عزَّ وجلّ.
﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ﴾: عندهم شكٌّ في الأمر؛ لأنّه شبّه لهم.
﴿مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا﴾: انتقل الشّكّ إلى الظّنّ ولكنّهم لم يقتلوه عليه السَّلام. فالمطلوب منّي كمسلمٍ أن أعظّم وأكرّم السّيّد المسيح عليه السَّلام، فالإيمان به هو إيمانٌ لا يتجزّأ من الإيمان بالله سبحانه وتعالى وملائكته وكتبه ورسله عليهم السَّلام: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ﴾ [البقرة: من الآية 285].