الآية رقم (10) - وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ

﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ﴾ : أي: غِبْنا فيها، واندثرتْ ذرّاتنا، بحيث لا نعرف أين ذهبت، وإلى أيّ شَيء انتقلت، يقولون: إذا حدث هذا:

﴿أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ : يعني: أيخلقنا الله سبحانه وتعالى من جديد مرّة أخرى؟

والله سبحانه وتعالى يردّ عليهم:

﴿بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ﴾ : بل: تفيد الإضراب عن كلامهم السّابق، وتقرير حقيقة أخرى، هي أنّهم لا ينكرون البعث والحشر، إنّما ينكرون لقاء الله عزَّ وجلَّ: ﴿بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ﴾  ، فمسألة الحشر مستحيل أنْ ينكروها؛ لأنّ الدّليل عليها واضح، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿‌أَفَعَيِينَا ‌بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾  [ق]، والّذي خلق من العدم أوّلاً قادر على الإعادة من موجود، فالإعادة أسهل من البَدْء؛ لذلك قال سبحانه وتعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ‌وَهُوَ ‌أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾  [الرّوم: من الآية 27]، فتكذيبهم ليس للبعث في حَدّ ذاته، إنّما للقاء الله عزَّ وجلَّ وللحساب، لكنّهم يُنكِرون البعث؛ لأنّه يؤدّي إلى لقاء الله سبحانه وتعالى، وهم يكرهون لقاءه جلَّ جلاله ، فينكرون المسألة من بدايتها.