﴿وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾: أي مغلقة، مكتفية ومغلّفة، فيها من العلم ما يكفيها، ولا تحتاج لشيء جديد من الرّسائل والشّرائع، أو قلوبهم مغلّفة ومطبوع عليها، أي أنّ الله سبحانه وتعالى طبع على قلوبهم وختم عليها حتّى لا ينفذ إليها نور الهداية، ولا يخرج منها ظلام الكفر.
﴿بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ﴾ : حسب (صيانة الاحتمال) فهم قليلاً ما يؤمنون، ولم ينف الإيمان عنهم بشكل مطلق، فمنهم من آمن.
﴿بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه﴾ : وكلمة ﴿بَل﴾ تنفي قولهم وادّعاءهم، فهم مطرودون من رحمة الله سبحانه وتعالى لا تنفذ إشعاعات النّور والهداية إلى قلوبهم.
وهنا يحتجّ بعض من يدّعي العقلانيّة فيقول: إنّهم لا ذنب لهم، والله تعالى يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء، أو يقول: ما ذنب من أضله الله؟؟ وحين يكون هناك إطلاق في القرآن الكريم وفيه تخصيص نأتي إلى التّخصيص الّذي يفسّر الإطلاق والتّعميم، لذلك يجب أن لا يتصدّى للتّفسير من لا يفهم دقائق علم التّفسير.
وهناك آيات تقول: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ ]المائدة: من الآية 108[، والفاسق هو من خرج عن أوامر الله سبحانه وتعالى.
﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ ]البقرة: من الآية 258[، الظّالمون هم الّذين يظلمون النّاس ويظلمون أنفسهم.
﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ ]البقرة: من الآية 264[، الكافرون هم الّذين يسترون ما أمر الله وما جاء من آيات الله. فلا تقل: إنّ الله لم يهده، بل قل: إنّه فاسق وظالم وكافر، فلم يهده الله. والله عزَّوجل هنا لعنهم بسبب كفرهم وسترهم لأوامر الله وما جاء من عند الله سبحانه وتعالى.