الآية رقم (118) - وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ

هذه الآية تذكّرنا باليهود الّذين قالوا: أرنا الله جهرة. وبكلّ الأقوام السّابقين الّذين طلبوا آيات شرطاً لإيمانهم، ﴿فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [الشّعراء: من الآية 154]، والله عزَّوجل لا يمكن أن يكلّم أحداً من البشر إلّا من وراء حجاب، والطّبيعة البشريّة لا تتلقّى عن الذّات الإلهيّة مباشرة، وحين طلب موسى عليه السَّلام رؤية ربّه تجلّى ربّه للجبل فجعله دكّاً وخرّ موسى صعقاً، فلا بدّ من أن تتلقّى عن الله من وراء حجاب أو عن طريق مَلَك، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشّورى].

﴿كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ: مثلما قالوا لجميع الأنبياء، ولم يقل: تشابهت أقوالهم، بل قال: ﴿تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ؛ لأنّ القلب منبع السّلوكيّات وهو مكان العقيدة، وقد قال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب»([1])، فالقلب مناط العقيدة، والعقيدة تتوازن في العقل الّذي يفكّر فيها ثمّ يعتقد ثمّ تنزل على القلب الّذي يربط عليها فتصبح عقيدة، عُقدَ عليها فصارت عقيدة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) صحيح البخاريّ: كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، الحديث رقم (52).

وَقالَ: الواو استئنافية قال فعل ماض.

الَّذِينَ: اسم موصول في محل رفع فاعل والجملة مستأنفة.

لا يَعْلَمُونَ: لا نافية يعلمون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعل والجملة صلة الموصول لا محل لها.

لَوْلا: حرف حض.

يُكَلِّمُنَا: فعل مضارع ونا مفعول به.

اللَّهُ: لفظ الجلالة فاعل والجملة في محل نصب مقول القول.

أَوْ: حرف عطف.

تَأْتِينا: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل ونا مفعول به.

آيَةٌ: فاعل مرفوع والجملة معطوفة.

كَذلِكَ: الكاف حرف جر ذلك اسم إشارة في محل جر والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق.تراجع الآية 73.

قالَ الَّذِينَ: فعل ماض وفاعل.

مِنْ قَبْلِهِمْ: جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول.

مِثْلَ: مفعول به.

قَوْلِهِمْ: مضاف إليه.

تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ: ماض وفاعله، والجملة في محل نصب حال.

قَدْ: حرف تحقيق.

بَيَّنَّا: فعل ماض مبني على السكون ونا فاعل.

الْآياتِ: مفعول به منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم والجملة مستأنفة.

لِقَوْمٍ: جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما.

يُوقِنُونَ: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة صفة قوم.

أما الذين لا يعلمون من المشركين، لأنه لا كتاب لهم، ولا هم أتباع نبي يبين لهم ما يليق بالألوهية فقالوا:

هلا يكلمنا الله بأنك رسوله حقاً، أو يرسل إلينا ملكاً فيخبرنا بذلك، كما يرسله إليك، أو تأتينا ببرهان على صدقك في دعواك النبوة

وليس مرادهم من هذه المطالب إلا الاستكبار والعتو والعناد، والاستخفاف بالآيات البينات، والجحود بالقرآن.