هذه الآية تذكّرنا باليهود الّذين قالوا: أرنا الله جهرة. وبكلّ الأقوام السّابقين الّذين طلبوا آيات شرطاً لإيمانهم، ﴿فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الشّعراء: من الآية 154]، والله عزَّوجل لا يمكن أن يكلّم أحداً من البشر إلّا من وراء حجاب، والطّبيعة البشريّة لا تتلقّى عن الذّات الإلهيّة مباشرة، وحين طلب موسى عليه السَّلام رؤية ربّه تجلّى ربّه للجبل فجعله دكّاً وخرّ موسى صعقاً، فلا بدّ من أن تتلقّى عن الله من وراء حجاب أو عن طريق مَلَك، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الشّورى].
﴿كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ﴾: مثلما قالوا لجميع الأنبياء، ولم يقل: تشابهت أقوالهم، بل قال: ﴿تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ﴾؛ لأنّ القلب منبع السّلوكيّات وهو مكان العقيدة، وقد قال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب»([1])، فالقلب مناط العقيدة، والعقيدة تتوازن في العقل الّذي يفكّر فيها ثمّ يعتقد ثمّ تنزل على القلب الّذي يربط عليها فتصبح عقيدة، عُقدَ عليها فصارت عقيدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ