الآية رقم (64) - وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ

كان اليهود يقولون: يد الله مغلولةٌ عن العطاء، ونحن عندما نقول: يد الله سبحانه وتعالى، نعلم أنّ أيّ صفةٍ يذكرها لنا المولى عزَّ وجل في القرآن الكريم لا تشبه أيّ صفةٍ عند النّاس، بل نضع بين قوسين قوله سبحانه وتعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشّورى: من الآية 11]، يعني هو حيٌّ جلَّ جلاله وأنت حيّ، لكن ليس كمثله شيءٌ، هو قويٌّ وأنت قويٌّ، ولكن ليس كمثله شيءٌ، له يدٌ ولك يدٌ، ولكن ليس كمثله شيءٌ، فإيّاك أن تعتقد أنّ اليد الجارحة المعروفة لنا هي الّتي نتحدّث عنها، وهنا تأتي بمعنى النّعمة، فعندما يقولون: يد الله مغلولةٌ، بمعنى نِعَم الله ممنوعةٌ, وفي قوله سبحانه وتعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ [الملك: من الآية 1]، أي القدرة والقوّة وليس معناها اليد بالمعنى الحرفيّ.

﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ﴾: أي شلّت أيديهم، والدّعاء هو طلبٌ، فهل يطلب الله سبحانه وتعالى من نفسه وهو الّذي يُجيب الدّعاء؟ والجواب: أنّ من يقول: يد الله مغلولة، فقولوا: غلّت أيديهم.

وَقالَتِ الْيَهُودُ: فعل ماض وفاعل وحركت تاء التأنيث بالكسر منعا لالتقاء الساكنين والجملة مستأنفة.

يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ: مبتدأ وخبر ولفظ الجلالة مضاف إليه والجملة الاسمية مفعول به بعد القول

غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ: فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله والجملة مستأنفة

وَلُعِنُوا: فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله كذلك والجملة معطوفة

بِما قالُوا: ما مصدرية والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر والتقدير ولعنوا بسبب قولهم.

(قالوا): في محل جر صفة ما

بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ: بل حرف إضراب ويداه مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى وكذلك مبسوطتان خبر مرفوع بالألف والجملة استئنافية

يُنْفِقُ: فعل مضارع فاعله هو

كَيْفَ: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال والجملة مستأنفة

وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ: وليزيدن الواو استئنافية واللام واقعة في جواب القسم المحذوف ويزيدن مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، كثيرا مفعوله الأول تعلق به الجار والمجرور بعده واسم الموصول ما فاعله، وأنزل فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور بعده إليك ونائب الفاعل هو، من ربك متعلقان بمحذوف حال

طُغْياناً: مفعول به ثان

وَكُفْراً: معطوف وجملة ليزيدن لا محل لها لأنها جواب القسم وجملة القسم وجوابه مستأنفة.

وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ: فعل ماض تعلق به الظرف بعده ونا فاعله والعداوة مفعوله

وَالْبَغْضاءَ: معطوف.

إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال: دائبين إلى يوم القيامة والقيامة مضاف إليه.

كُلَّما: شرطية مبنية على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية

أَوْقَدُوا: فعل ماض تعلق به الجار والمجرور للحرب والواو فاعله

ناراً: مفعوله والجملة في محل جر بالإضافة.

أَطْفَأَهَا اللَّهُ: فعل ماض والهاء مفعول به مقدم والله لفظ الجلالة فاعله والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم.

وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً: فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور والواو فاعله

فساداً: حال بمعنى مفسدين أو مفعول مطلق أو مفعول لأجله والجملة مستأنفة.

وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ: لفظ الجلالة مبتدأ

(لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ): خبر وجملة

(وَاللَّهُ): مستأنفة.

يَدُ اللَّهِ: اليد: هي في الحقيقة العضو المعروف من الأصابع حتى الكتف، أو إلى الرسغ، وتطلق مجازا على النعمة، تقول: لفلان عندي يد أي معروف ونعمة، وعلى العطاء والنفقة، كما يقال: ما أبسط يده بالنوال، أي العطاء الجزيل، وعلى القدرة مثل قوله تعالى: (أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) [ص 38/ 45] أي ذوي القوة والعقول.

والمقصود بقولهم: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ أي ممسكة عن العطاء والإنفاق وإدرار الرزق علينا، كنّوا به عن البخل، تعالى الله عن ذلك.

غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ: أمسكت وانقبضت عن فعل الخير، وهو دعاء عليهم بالبخل

يَداهُ مَبْسُوطَتانِ: أي كثير العطاء، مبالغة بالوصف بالجود، وثنّى اليد لإفادة الكثرة إذ غاية ما يبذله السخي من ماله: أن يعطي بيديه ونحن نؤمن باليد من غير تشبيه ولا تجسيم. وإن كان قصدهم أثر اليد وهو الإنعام بقرينة الإنفاق.

يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ: من توسيع وتضييق، لا اعتراض عليه. ما أنزل إليك من بالأمن والسلم، والسلب ولو بغير قتل، وإثارة الفتنة

أَطْفَأَهَا اللَّهُ: أي كلما أرادوه ردهم

وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً: أي مفسدين بالمعاصي

وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ: أي يعاقبهم.