الآية رقم (18) - وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ

عندما يقول المولى سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ﴾ لا يعني هذا أنّ اليهود كلّهم أو النّصارى كلّهم قالوا هذا القول، بل جزءٌ منهم قال هذا، بدليل أنّ الله سبحانه وتعالى يقول على لسان الرّجل المؤمن من آل فرعون: ﴿يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ﴾ [غافر: من الآية 29]، ومن المعروف أنّه من غير الممكن أن يكون الملك لكلّ القوم، بل يكون لبعض القوم، إذاً بعض اليهود والنّصارى قالوا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾، والمولى سبحانه وتعالى يقول: لا أنتم ستدخلون في مشيئة المغفرة ككل البشر.

﴿بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ﴾: فالبشر معرّضون إمّا لنفحات المغفرة وتكفير السّيّئات، وإمّا لنفحات العذاب على الذّنوب، ولن يستطيع أحدٌ أبداً أن يخرج عن مشيئة الله سبحانه وتعالى.

﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾: وهنا تدلّ الآية على طلاقة مشيئته سبحانه وتعالى؛ لأنّه طالما يملك ما بين السّماوات والأرض ويملك المصير والمآل، فله تبارك وتعالى الملك الكامل وطلاقة المشيئة في أن يعذّب أو أن يغفر لكلّ البشر دون استثناء، فلا يمكن أن نقول: نحن أحباء الله سبحانه وتعالى ونحن كذا وكذا، كما قال اليهود وجعلوا من أنفسهم العنصر المميّز عن بقيّة الشّعوب، فقالوا: نحن شعب الله المختار، فكلّ البشر يخضعون إلى مشيئته جلّ وعلا، ويخضعون إلى العذاب والمغفرة منه تبارك وتعالى؛ لأنّه هو جلّ وعلا المالك والمتصرّف في السّماوات والأرض وما فيهما، وإليه المصير والمآل جلَّ جلاله.

وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى: فعل ماض وفاعل والجملة مستأنفة

نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ: مبتدأ وخبر ولفظ الجلالة مضاف إليه والجملة مقول القول

وَأَحِبَّاؤُهُ: عطف على أبناء

قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُم: ما اسم استفهام مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بيعذبكم وحذفت ألف ما لدخول حرف الجر عليها والفاء هي الفصيحة أي: إذا كنتم كذلك فلم يعذبكم؟ والجملة جواب شرط مقدر لا محل لها وفعل الشرط وجوابه مقول القول

(قُلْ): استئنافية.

بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ: مبتدأ وخبر وبل حرف إضراب والجملة مستأنفة.

مِمَّنْ خَلَقَ: الجار والمجرور ممن متعلقان بمحذوف صفة بشر وجملة خلق صلة من «يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ»

لمن: متعلقان بيغفر والجملة مستأنفة

(يشاء): صلة الموصول

وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ: عطف على يغفر

وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ: تقدم إعرابها في الآية السابقة

وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ المصير والجملة معطوفة.

وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه: أي : نحن منتسبون إلى أنبيائه وهم بنوه وله بهم عناية ، وهو يحبنا .

قل فلم يعذبكم بذنوبكم: أي لو كنتم كما تدعون أبناءه وأحباءه ، فلم أعد لكم نار جهنم على كفركم وكذبكم وافترائكم؟