﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ﴾: هنا تحريم تأديبٍ، وليس تحريم ضررٍ، فالله سبحانه وتعالى يريد أن يؤدّبهم، فحرّم على اليهود ما هو حلالٌ لغيرهم، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا﴾ [النّساء]؛ لأنّهم ظلموا حُرِّمت عليهم هذه الطّيبات.
﴿كُلَّ ذِي ظُفُرٍ﴾: كلّ شيءٍ ليس بمشقوق الأصابع، فالبعير لا ينفرج خفّه، وكذلك خفّ النّعامة، وقائمة الوز، فاليهود لا تأكل الإبل ولا النّعام ولا الوز، ولا كلّ شيءٍ لم تنفرج قائمته.
﴿وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا﴾: إلّا ما علق على الظّهر من الشّحوم.
﴿أَوِ الْحَوَايَا﴾: يعني الأمعاء.
﴿أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ﴾: إلّا ما اختلط من الشّحوم بالعظام فقد أحللناه لهم، كشحم الألية اختلط بالعصعص، فهو حلالٌ، وكلّ شيءٍ في القوائم والجنب والرّأس والعين وما اختلط بعظمٍ، فهو حلالٌ.
﴿ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾: ذلك جزيناهم ببغيهم واعتدائهم، فهذا التّضييق إنّما فعلناه بهم وألزمناهم به مجازاةً لهم على بغيهم ومخالفتهم أوامرنا، فهو تحريم تأديبٍ، فالإبل والنّعام والبطّ والإوز حُرّم تأديباً على اليهود حصراً، وأحلّ لهم ما فوق الظّهر من الشّحم -كما قلنا- والأمعاء وما اختلط بعظم.