الآية رقم (9) - وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ

عندما يتحدّث المولى سبحانه وتعالى عن أمور الحياة فإنّه يربطها بالهدف الأسمى من الحياة.

﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾: السّبيل هو الطّريق، والقَصْد هو الغاية، وهو مصدر يأخذون منه القول: (طريقٌ قاصد)؛ أي: طريقٌ لا دورانَ فيه ولا التفاف، وهكذا يريد المؤمن الوصول إلى قَصْده، وهو عبادة الله سبحانه وتعالى وُصولاً إلى الغاية، وهي الجنّة، جزاءً على الإيمان وحُسْن العمل في الدّنيا، وقد علّمنا سبحانه وتعالى في سورة الفاتحة أن ندعو: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾[الفاتحة]، والمستقيم هو أقصر مسافة بين نقطتين، وقول الحقّ سبحانه وتعالى هنا: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾  يجعلنا نعود بالذّاكرة إلى ما قاله إبليس -لعنه الله- في حواره مع الله عز وجل: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص: الآية 82 – 83]، وردَّ الله سبحانه وتعالى: ﴿ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ﴾ [الحجر]، فالله سبحانه وتعالى صراطه هو الصّراط المستقيم، وقوله جل جلاله: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ يدلُّ على أنّ الطّريق المرسوم غايتُه موضوعة من الله سبحانه وتعالى، والطّريق إلى تلك الغاية موزونٌ من الله سبحانه وتعالى الّذي لا هَوىً له، وسبيل الإيمان يكون قاصداً للغاية الّتي وضعها جل جلاله، ذلك أنّ من السُّبل ما هو جائرٌ؛ ولذلك قال:

﴿ وَمِنْهَا جَائِرٌ ﴾: الجائر: هو المائل عن الحقّ، المنحرف عنه، وحين يكون قَصْد السّبيل على الله سبحانه وتعالى، فالله لا هَوىً له ولا صاحبَ، ولا ولدَ له، ولا يحابي أحداً، والخَلْق بالنّسبة إليه سواء؛ ولذلك فهو حين يضع طريقاً فهو يضعُه مستقيماً لا عِوجَ فيه، ولكي يمنع الجَوْر جعل سبيلَ الإيمان قاصداً.

«وَعَلَى اللَّهِ» لفظ الجلالة مجرور بعلى متعلقان بخبر قصد

«قَصْدُ» مبتدأ مرفوع والجملة مستأنفة

«السَّبِيلِ» مضاف إليه

«وَمِنْها جائِرٌ» جائر صفة لمبتدأ محذوف تقديره منها سبيل جائر والجار والمجرور متعلقان بالخبر المقدم والجملة معطوفة على سابقتها

«وَلَوْ» الواو استئنافية لو حرف شرط غير جازم

«شاءَ» الله ماض ولفظ الجلالة فاعله والجملة لا محل لها لأنها ابتدائية

«لَهَداكُمْ» اللام واقعة في جواب لو وماض فاعله مستتر والكاف مفعوله

«أَجْمَعِينَ» توكيد للمفعول به والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم

{وَمِنْهَا جَائِرٌ} أي: من الطرق جائر لا يهتدون فيه. والجائرُ: العادِلُ عن القصد