الآية رقم (16) - وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ

﴿وَعَلَامَاتٍ﴾: أي: أنّ ما تقدّم من خَلْق الله سبحانه وتعالى هو علاماتٌ تدلُّ على ضرورة أنْ تروا المنافع الّتي أودعها الله سبحانه وتعالى فيما خلق لكم، وتهتدوا إلى الإيمان بإلهٍ مُوجِد لهذه الأشياء لمصلحتكم.

وما سبق من علامات مَقرُّه الأرض، سواء الجبال أم الأنهار أم السُّبل، وأضاف الله سبحانه وتعالى إليها في هذه الآية علامةً توجد في السّماء، وهي النّجوم، ونعلم أنّ كلَّ مَنْ يسير في البحر إنّما يهتدي بالنّجم، وتكلّم عنها الله سبحانه وتعالى هنا كتسخير مُخْتصّ، ولم يُدخِلها في التّسخيرات المتعدّدة؛ لأنّ نجماً يقود لنجم آخر، وهناك نجوم لم يصلنا ضوؤها بعد، وننتفع بآثارها من خلال غيرها.

ونعلم أنّ قريشاً كانت لها رحلتان في العام: رحلة الشّتاء، ورحلة الصّيف، وكانت تسلك سبلاً متعدّدة، فتهتدي بالنّجوم في طريقها، ولذلك لا بدّ أن يكون عندها خبرة بمواقع النّجوم.

ويقول الحقّ سبحانه وتعالى: ﴿وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾، قد فضَّل الحقّ سبحانه وتعالى هذا الأسلوب من بين ثلاثة أساليب يمكن أنْ تُؤدّي المعنى؛ هي: (يهتدون بالنّجم)، و(بالنّجم يهتدون)، والثّالث: هو الّذي استخدمه الله سبحانه وتعالى فقال:

﴿وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾: وذلك تأكيدٌ على خبرة قريش بمواقع النّجوم؛ لأنّها تسافر كلّ عام رحلتين، ولم يكن هناك آخرون يملكون تلك الخبرة.

والضّمير ﴿هُمْ﴾ جاء ليعطي خصوصيّتين؛ الأولى: أنّهم يهتدون بالنّجم لا بغيره، والثّانية: أنّ قريشاً تهتدي بالنّجم، بينما غيرُها من القبائل لا تستطيع أن تهتدي به.

«عَلاماتٍ» معطوفة على رواسي منصوبة مثلها

«وَبِالنَّجْمِ» متعلقان بيهتدون

«هُمْ» مبتدأ

«يَهْتَدُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة خبر.