الآية رقم (133) - وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ

ندب الله سبحانه وتعالى عباده إلى المبادرة في فعل الخيرات، والمسارعة إلى نيل القربات، والاستغفار هو مفتاحٌ للخيرات، فالإنسان مهما كان تقيّاً وطائعاً لله سبحانه وتعالى فإنّه لا يستطيع أن يشكر نعمة واحدة أنعمها الله عز وجل عليه، وهو يحتاج للاستغفار؛ لأنّه قد يقوم بأمور يحسبها هيّنة وتكون عند الله عظيمة، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «وإنّ العبد ليتكلّم بالكلمة من سخط الله لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في جهنّم»([1])، فلذلك قال الله سبحانه وتعالى بعد ذلك: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ، والمسارعة تكون باختصار الوقت، وهناك فرق ما بين السّرعة والعجلة، العجلة يقابلها التّأنّي وهو محمود والعجلة مذمومة، أمّا السّرعة فهي محمودة وتكون في الخيرات، وعكس السّرعة الإبطاء وهو مذموم، هذه المغفرة نتيجتها جنّة عرضها السّماوات والأرض، قد يقول قائل: لماذا لم يذكر الله عز وجل ما هو طولها؟ ومَن الّذي قال لك: إنّ ملك الله هو فقط السّماوات والأرض حتّى تقول: ما هو الطّول؟ الله ضرب هذا كمثل أنّ عرض الجنّة كعرض السّماوات والأرض، وهو للتّقريب لأذهان النّاس للدّلالة عن ضخامة حجم الجنّة، إذاً الأولى أن نسأل: مَن هم هؤلاء الّذين وُعدوا بالجنّات؟ قد يظنّ بعض النّاس أنّ الدّين هو الإكثار من الشّعائر فقط، هذا أمر حميد وجيّد، لكنّ الدّين هو تحقيق مقاصد الشّريعة لذلك قال بعدها:

 


([1]) صحيح البخاريّ: كتاب الرّقاق، باب حفظ اللّسان، الحديث رقم (6113).

وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ: فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والجار والمجرور متعلقان بالفعل

مِنْ رَبِّكُمْ: متعلقان بمحذوف صفة لمغفرة

وَجَنَّةٍ: عطف على مغفرة

عَرْضُهَا السَّماواتُ: مبتدأ وخبر

وَالْأَرْضُ: عطف

أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ: فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور بعده ونائب الفاعل هي والجملة صفة جنة الثانية وجملة عرضها السموات هي صفة أولى.

وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ: بادروا إلى الأسباب المؤدية إليها من الأعمال الصالحة، كالصدقة وفعل الخير والتوبة عن الآثام كالربا ونحوه

عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ: أي كعرضهما لو وصلت إحداهما بالأخرى، والعرض: السعة، والمراد وصف الجنة بالسعة.