الآية رقم (9) - وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ

﴿ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾: أي أمامهم.

﴿ سَدًّا ﴾: حاجزاً ومانعاً.

هل معنى هذا أنّ الله سبحانه وتعالى يُعين الكافر على الكفر؟ الجواب: نعم؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى قد بيّن للنّاس، فمن اختار الكفر يعينه على كفره، ومن اختار الإيمان يعينه على الإيمان، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ [محمّد]، ومن اختار الكفر يجعل من بين يديه ومن خلفه سدّاً؛ أي من أمامه سدّاً فلا يرى المصير، ومن خلفه فلن ينظر إلى الّذين ماتوا من خلفه، ولم يتّعظ بالأقوام السّابقين.

﴿ فَأَغْشَيْنَاهُمْ ﴾: الغشاوة تكون على الأعين.

﴿ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ﴾: لأنّ الشّمس تشهد، والقمر يشهد، والماء يشهد، والطّريق يشهد، والشّجر يشهد، والإنسان يشهد، وسمك البحار يشهد، وكلّ شيءٍ يشهد أنّه لا إله إلّا الله، إلّا أنت: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ﴾، فأنت اخترت طريق الكفر، لذلك عندما أراد النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يخرج من بيته عند الهجرة، وكان المشركون يحيطون ببيته إحاطةً كاملةً، فتح الباب وقرأ: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ﴾، فلم يروا شيئاً وخرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم بسرّ هذه الآية، وبسرّ سورة (يس).

«وَجَعَلْنا» ماض وفاعله والجملة معطوفة

«مِنْ بَيْنِ» في موقع المفعول الثاني لجعلنا

«أَيْدِيهِمْ» مضاف إليه والهاء مضاف إليه ثان

«سَدًّا» مفعول به أول لجعلنا

«وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا» معطوف على ما سبق

«فَأَغْشَيْناهُمْ» ماض وفاعله ومفعوله والجملة معطوفة

«فَهُمْ» الفاء تعليلية وهم مبتدأ والجملة تعليلية لا محل لها

«لا» نافية

«يُبْصِرُونَ» مضارع وفاعله والجملة خبر

وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا والسد والسّد:
الجبل. وجمعها: أسداد. فَأَغْشَيْناهُمْ أي أغشينا عيونهم، وأعميناهم عن الهدى. وقال الأسود بن يعفر- وكان قد كف بصره-:
ومن الحوادث- لا أبالك- أنني … ضربت على الأرض بالأسداد
ما أهتدي فيها لمدفع تلعة … بين العذيب، وبين أرض مراد