﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا﴾: المجازاة والمكافأة من الله تعالى، ففاعل الفعل (جزى) هو لفظ الجلالة، وتقديره: وجزاهم الله تعالى بصبرهم الجنّة والحرير، فالله تعالى جزاهم بما صبروا على طاعته تعالى واجتناب معصيته، فأثابهم وكافأهم جنّة يسكنونها وحريراً يلبسونه ويفترشونه.
فالصّبر أربعة أنواع: أوّلها الصّبر عند الصّدمة الأولى، قال ﷺ: «إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى»([1])، والصّبر على أداء الفرائض، والصّبر على اجتناب محارم الله عز وجل، والصّبر على المصائب.
﴿جَنَّةً﴾: وقد جزاهم الله تعالى ﴿جَنَّةً﴾؛ أي: بستاناً فيه من كلّ ما تشتهي أنفسهم من المأكل والمشرب ممّا لم تره عينٌ ولم تسمع عنه أذن.
﴿وَحَرِيرًا﴾: والحقّ تعالى إنّما خصّ الحرير هنا؛ لأنّه تعالى تحدّث عن صبرهم، ومنه الصّبر عن المحرّمات ومنها الحرير الّذي حرّمه الشّرع على رجال أمّة رسول الله ﷺ، وقد قال ﷺ: «مَنْ يَلْبَسِ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا، فَلا يُكْسَاهُ فِي الْآخِرَةِ»([2])، فهم لم يلبسوا الحرير في الدّنيا، فكان جزاؤهم ﴿بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾.
([1]) صحيح البخاريّ: كِتَابُ الجَنَائِزِ، بَابُ زِيَارَةِ القُبُورِ، الحديث رقم (1283).
([2]) مسند الإمام أحمد بن حنبل: مُسْنَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، مُسْنَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t، الحديث رقم (124).