تبدأ الآن لقطاتٌ تتعلّق بالمعاناة مع شعب بني إسرائيل الّذين خرج بهم موسى عليه السّلام، ولحق بهم فرعون وجنوده، وعندها أغرق الله سبحانه وتعالى فرعون وجنوده باليمّ كما ذكرنا، أولى هذه المعاناة والخيبات من شعب بني إسرائيل:
﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَهُمْ﴾: تمّ تجاوز البحر، وقطعه شعب بني إسرائيل مع موسى وهارون عليهما السّلام، وبعد قطعهم البحر مرّوا على قومٍ يعكفون على أصنامٍ لهم، يعكف؛ أي يقيم إقامةً لازمةً؛ أي أنّهم يقيمون إقامةً لازمةً على أصنامٍ يعبدونها.
﴿قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾: قالوا ذلك وهم ما زالوا مغمورين بنعمة الله سبحانه وتعالى، وهي تخليصهم من فرعون وجنوده وإغراق فرعون وشقّ البحر بالعصا بمعجزةٍ كبرى، أصبحوا يريدون أن يكون الإله مجعولاً، والإله لا يكون مجعولاً، وإنّما يكون جاعلاً: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَٰهًا﴾.
﴿قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾: لم يقل: إنّكم قومٌ لا تعلمون، هناك فارقٌ ما بين عدم العلم وما بين الجهل، أو ما بين الأمّيّ والجاهل، فالأمّيّ لا يملك المعلومة فتعطيه إيّاها فيأخذها بكلّ قبولٍ، أمّا الجاهل فتكون لديه معلومةٌ مغلوطةٌ يتمسّك بها، أنت هنا أمام أمرين: الأول تريد أن تخرج المعلومة المغلوطة منه، والثّاني أن تقنعه بالمعلومة الصّحيحة، فالعمليّة أصعب، فالجاهل يختلف عن الأمّيّ، وسيّدنا موسى عليه السّلام أجاب الإجابة الدّقيقة.