﴿وَتَمَّتْ﴾: أي هناك بدايةٌ ولها خاتمةٌ، ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: من الآية 3]، فكأنّها تمام الرّسالة.
﴿كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾: تقول: ألقى فلانٌ كلمةً، الكلمة: هي كلماتٌ، وعندما وردت بقوله: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾، فهي تعني جمع كلّ الكلمات، والكلمة هنا تعني القرآن الكريم الّذي استوعب كلّ قضايا الحياة.
﴿صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ﴾: صدقاً وعدلاً؛ لأنّ الواقع الكونيّ الّذي يأتي يصدّق كلّ الأمور الّتي وردت في القرآن الكريم، لذلك قال جلَّ جلاله: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ﴾، وكذلك الكلمة هي الوعد بنصر الله سبحانه وتعالى، كما وردت في الآية المتعلّقة بالهجرة: ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التّوبة]، توقّف النّحاة والعلماء والمشكّكون بالقرآن الكريم، وقالوا: لماذا رُفعت ﴿وَكَلِمَةُ﴾ بينما هي معطوفةٌ على النّصب؟ أي وفق كلامهم يجب أن تكون: (جعل كلمةَ الّذين كفروا السّفلى وكلمةَ الله)، وليس: ﴿وَكَلِمَةُ اللَّهِ﴾، لكنّ الله سبحانه وتعالى رفعها ولم ينصبها، حتّى تعلم بأنّه كلام ربٍّ وليس كلام عبدٍ؛ لأنّ كلمة الله سبحانه وتعالى ابتداءً هي العليا، فإذاً تكون مبتدأ ولا تكون أبداً مجعولةً أو مفعولةً، فلا تُعطف على النّصب، ودائماً تُرفَع كلمة الله فهي العليا، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصّافّات].