الآية رقم (7) - وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ

نعلم أنّ الإنسانَ في حياته بين أمرين، إمّا مقيم وإمّا مسافر، والمسافر يحتاج إلى وسيلة للتّنقّل، ووسائل النّقل سابقاً كانت الدّوابّ الّتي سخّرها االله سبحانه وتعالى لتنقل النّاس وتحمل أثقالهم، ومَنْ كانت لديه إبلٌ صحيحة أو خيولٌ قويّة، فلا يفكّر بالمسافات مهما بعدت، ولذلك نجد القرآن الكريم حين تكلّم عن أهل سبأ يقول: ﴿ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾ [سبأ: من الآية 19]، وهم قد قالوا ذلك اعتزازاً بما يملكونه من خَيْل ووسائل سفر من دوابّ سليمة وقويّة.

﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ﴾: يعني وضع ما يَثْقل على ما يُثَقّل؛ ولذلك فنحن لا نجد إنساناً يحمل دابّته، بل نجد مَنْ يحمل أثقاله على الدّابّة ليُخفِّف عن نفسه حَمْل أوزانٍ لا يقدر عليها، وهذه من النّعم الّتي تحدّث عنها المولى سبحانه وتعالى.

﴿إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ﴾: وكلمة: ﴿بِشِقِّ﴾  مصدرها شَقّ، وهو الصِّدْع بين شيئين، ويعني عَزْل متّصلين، قال سبحانه وتعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾ [الحجر: من الآية 94]، وهناك (شَقّ) وهو الجهد.

﴿إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾: والصّفتان هنا هما الرّأفة والرّحمة، وصفة الرّحمة هي أشمل وأعمّ من صفة الرّأفة، وممّا جاء في التّفاسير القديمة عن الفارق بين الرّأفة والرّحمة: بأنّ الرّحمة تمنع وقوع الدّاء والمصيبة على الإنسان، أمّا الرّأفة فتشفي وتخفّف عن الإنسان ما وقع به، لذلك نجد بعض النّاس لا يفرّق بين الصّفتين: الرّأفة والرّحمة.

«وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ» الواو عاطفة ومضارع فاعله مستتر وأثقالكم مفعول به والكاف مضاف إليه والجملة معطوفة

«إِلى بَلَدٍ» متعلقان بتحمل

«لَمْ» حرف جزم ونفي وقلب

«تَكُونُوا» مضارع ناقص والواو اسمها والجملة صفة لبلد

«بالِغِيهِ» خبر منصوب بالياء والهاء مضاف إليه

«إِلَّا» أداة حصر

«بِشِقِّ الْأَنْفُسِ» متعلقان بحال محذوفة والأنفس مضاف إليه

«إِنَّ رَبَّكُمْ» إن واسمها

«لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ» خبرا إن مرفوعان واللام المزحلقة والجملة مستأنفة.

{بِشِقِّ الأَنْفُسِ} أي بمشقة. يقال: نحن بِشِقٍّ من العيش، أي بجهد. وفي حديث أمّ زَرْع: “وجدني في أهل غُنَيْمَةٍ بِشِقّ”