الآية رقم (156) - وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا

البهتان: هو الكذب الكبير، والله سبحانه وتعالى يقول عن الكذب الواضح: إنّه عظيمٌ، فقد افتروا على السّيّدة مريم العذراء عندما اتّهموها بشرفها وتعرّضوا لها، وكفروا وقالوا من الأقوال ما لا يستطيع المرء أن يكرّره أو يتقبّله، فالسّيّدة مريم كان لها ماضٍ وتاريخٌ فاضلٌ، حيث تربّت بالمحراب قبل أن تحمل بالسّيّد المسيح عليه السَّلام، ورد في سورة (آل عمران) قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [آل عمران]، فمنذ كانت طفلةً وهي تذكر الله سبحانه وتعالى في المحراب، ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾ [آل عمران]، مريم الطّفلة العظيمة الفاضلة أوحت لنبيٍّ من الأنبياء بأمرٍ مهمٍّ، وهو أنّ الله سبحانه وتعالى يرزق من غير حسابٍ، أي من غير أسبابٍ، وهو كان حالُه كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾ [مريم]، فقد تمّ الإيحاء من هذه الطّفلة العظيمة مريم، ومع تاريخها النّاصع والفاضل اتّهمها اليهود في شرفها وقالوا عليها هذا البهتان العظيم.

﴿وَبِكُفْرِهِمْ﴾: لأنّ مَن يقول هذا الكلام على مريم فقد كفر بالله تبارك وتعالى.

وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ: عطف على «فَبِما نَقْضِهِمْ» «عَلى مَرْيَمَ» متعلقان بالمصدر قولهم.

بُهْتاناً: مفعول به لهذا المصدر

عَظِيماً: صفة.

بُهْتاناً: كذباً مفترى يبهت صاحبه ويدهشه، حيث رموا السيدة مريم بالزنى.