الآية رقم (59) - وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ

بعد أن تحدّث سبحانه وتعالى عن أصحاب الجنّة، انتقل الحديث إلى الكافرين، وأطلق عليهم صفة الإجرام

﴿ وَامْتَازُوا ﴾: أي تميّزوا.

يجب أن يكون هناك علامة فارقة بين المجرمين والمؤمنين.

فبماذا يتميّز أهل الإجرام في ذلك الوقت؟ يجب أن نقرأ في القرآن الكريم كلّه، يجب أن ننتقل من آيةٍ إلى أخرى حتّى نبلغ مرادات كلام الله تبارك وتعالى، والقرآن الكريم هو كنوزٌ وخزائن، كلّما اقتربنا من آيةٍ فُتِحَت لنا خزينةٌ لننظر ونبحث ما فيها من كنوز، نقرأ في سورة طه قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا﴾ [طه: من الآية 102]، لونهم أسود ممزوجٌ بأزرق، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ﴾ [القيامة]؛ أي مسودّة، ويقول جل جلاله: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ [آل عمران: من الآية 106]، آيةٌ تقول: وجوهٌ باسرة، وآيةٌ تقول: وجوهٌ مسودّة، وآيةٌ تقول: ونحشر المجرمين زرقاً، فعلامة التّميّز واضحة، أمّا أهل الإيمان فهناك أنوارٌ من الله سبحانه وتعالى انعكست: ﴿نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ [التّحريم: من الآية 8]، أمّا عندما يقول: ﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾، فيتميّز المجرمون بسواد وجوههم وزرقتها وكلاحتها.

«وَامْتازُوا» الواو حرف عطف امتازوا فعل أمر والواو فاعل

«الْيَوْمَ» ظرف زمان والجملة مقول القول لقول محذوف

«أَيُّهَا» منادى نكرة مقصودة والها للتنبيه

«الْمُجْرِمُونَ» بدل والجملة مقول القول أيضا.

وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ أي انقطعوا عن المؤمنين، وتميزوا منهم. يقال: مزت الشيء من الشيء- إذا عزلته عنه- فأنماز وامتاز وميزته فتميز