الآية رقم (24) - وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا

إذاً: لِـمَ هو موجودٌ في القرآن الكريم، والقرآن الكريم صالحٌ لكلّ زمانٍ ومكانٍ؟ لا ندري لعلّه بعد ألف عامٍ أو بعد مئة عامٍ سيعود الرّقّ والعبوديّة إلى البشريّة، فهل كان يخطر ببال أحدٍ في العالم أو الدّنيا أنّ ما رأيناه وما نراه من إجرامٍ وإرهابٍ وتطرّفٍ وذبحٍ وقتلٍ أن يحدث تحت شعاراتٍ إسلاميّةٍ أو دينيّةٍ؟ لم يكن أحدٌ يجرؤ أن يتخيّل أو يتوقّع هذا الأمر، فالإسلام والشّرائع والأحكام لا تأتي على مقاسك ومقاسي ورغبتك ورغبتي، إنّما كما يريد الله سبحانه وتعالى. وهو الحكيم العليم الخبير؛ الّذي خلق الإنسان ويعلم ما يصلح له في كلّ زمانٍ. والقرآن الكريم: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾ [هود: من الآية 1]، من لدن ربّ حكيم، وهو كلامه سبحانه وتعالى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصِّلت]. فمهما كانت هناك محاولاتٌ لتشويه معالم الإسلام وأحكامه وشرعه، فسيكون مصيرها الفشل؛ لأنّ الله تعالى تكفّل بحفظه، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر].

وَالْمُحْصَناتُ: عطف على ما تقدم

مِنَ النِّساءِ: متعلقان بمحذوف حال من المحصنات

إِلَّا: أداة استثناء «ما» اسم موصول في محل نصب على الاستثناء

مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ: الجملة صلة «كِتابَ» مفعول مطلق أي: كتب الله كتابا.

اللَّهِ: لفظ الجلالة مضاف إليه

عَلَيْكُمْ: متعلقان بالمصدر كتاب

وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ: فعل ماض مبني للمجهول وما نائب فاعله ولكم متعلقان بالفعل والظرف متعلق بمحذوف صلة

ذلِكُمْ: اسم إشارة في محل جر بالإضافة

أَنْ تَبْتَغُوا: المصدر المؤول بدل من ما أو مجرور بحرف الجر

بِأَمْوالِكُمْ: متعلقان بالفعل قبلهما «مُحْصِنِينَ» حال أولى

غَيْرَ: حال ثانية

مُسافِحِينَ: مضاف إليه مجرور بالياء

فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ: الفاء استئنافية وفعل ماض وفاعل وهو في محل جزم فعل الشرط و «ما» اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ

بِهِ: متعلقان بالفعل قبلهما

مِنْهُنَّ: متعلقان بمحذوف حال.

فَآتُوهُنَّ: فعل أمر وفاعل ومفعول به أول

أُجُورَهُنَّ: مفعول به ثان والجملة في محل جزم جواب الشرط

فَرِيضَةً: حال بمعنى: مفروضة.

وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ: الواو استئنافية لا نافية للجنس وجناح اسمها والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبرها

فِيما: متعلقان بمحذوف حال وجملة «تَراضَيْتُمْ» صلة الموصول «بِهِ» متعلقان بتراضيتم

مِنْ بَعْدِ: متعلقان بمحذوف حال.

الْفَرِيضَةِ: مضاف إليه.

إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً: الجملة تعليلية لا محل لها.

وَالْمُحْصَناتُ: أي حرمت عليكم ذوات الأزواج لأنهن دخلن في حصن الزوج وحمايته

ويطلق الإحصان في القرآن الكريم على أحد أربعة معان:

1- التزوج: كما في الآية: (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ) [النساء 4/ 24] يقال: أحصن الرجل: إذا تزوج.

2- الإسلام: كما في الآية: (فَإِذا أُحْصِنَّ) أي أسلمن، يقال: أحصن: إذا أسلم.

3- العفة: كما في الآية: (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) [النساء 4/ 25] يقال: أحصن: إذا عف، وفي آية أخرى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) [النور 24/ 4] .

4- الحرية: كما في الآية: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ) [النساء 4/ 25] يقال: أحصن: إذا صار حرًا، وفي الآية نفسها: (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) وفي جميع ذلك: معنى المنع وتحصين النفس من الوقوع في الحرام، فالرجل إذا تزوج، منع نفسه من الزنى، وإذا أسلم، منع نفسه من القتل، والعفيف يمنع نفسه من الفحش، وإذا عتق منع نفسه من الاستيلاء.وورد الإحصان في السنة بمعنى التزوج،قال صلّى الله عليه وسلّم: أحصنت؟ بمعنى تزوجت، قال: نعم.وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو داود عن علي: «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم»من أحصن منهم ومن لم يحصن.ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ أي المملوكات بالسبي في جهاد مشروع، فينفسخ نكاحهن من أزواجهن الكفار في دار الحرب، ويحل الاستمتاع بهن بعد استبراء الحامل بوضع حملها، وغير الحامل (الحائل) بحيضة ثم تطهر، واشترط الحنفية اختلاف الدار بينها وبين زوجها، فلو سبيت هي وزوجها لم تحل لغيره.

كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ: أي كتب الله تحريم ذلك عليكم

وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ: أي أبيح لكم من النساء سوى ما حرم عليكم

أَنْ تَبْتَغُوا: تطلبوا النساء

بِأَمْوالِكُمْ: بصداق، فالأموال: المهور

مُحْصِنِينَ: متزوجين أو متعففين غَ

يْرَ مُسافِحِينَ: غير زانين، والمسافح: الزاني، وذلك لئلا تضيعوا أموالكم وتفقروا أنفسكم فيما لا يحل لكم، فتخسروا دنياكم ودينكم، ولا مفسدة أعظم مما يجمع بين الخسرانين.

أُجُورَهُنَّ: مهورهن، والأجر في الأصل: الجزاء في مقابلة شيء من عمل أو منفعة، والمهر في مقابل الاستمتاع المباح.

فَرِيضَةً: مفروضة ومقدرة

وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ: لا حرج ولا إثم ولا تضييق

فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ: أي اتفقتم أنتم وهن من حط بعض الفريضة أو كلها أو الزيادة عليها

إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً: بخلقه فيما يصلحهم

حَكِيماً: فيما دبره لهم