الآية رقم (71) - وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

(وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ): لماذا أتبعها بالصّلاة والزّكاة؟ الجواب؛ لأنّ الصّلاة استدامة ولاءٍ لله سبحانه وتعالى، وهي عمدة الأركان، ويجب أن يكون مع الصّلاة إثباتٌ وهو الإنفاق، وهو أن يسند الإنسان أخاه الإنسان ليس فقط بالأخلاق وإنما أيضاً إن احتاج للمال.

(وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ): لأنّ الإسلام ليس فقط الأركان، فالصّلاة والصّيام والزّكاة والحجّ والشّهادتان أعمدة الإسلام؛ لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «بُني الإسلامُ على خمس: شهادة أنْ لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله، وإقامِ الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، والحجّ، وصوم رمضان»([2])، ولم يقل: هذا هو الإسلام، فالإسلام هو أوامر الله سبحانه وتعالى كلّها، كلّ أمرٍ جاء بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) هو الإسلام، عندما يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ):[البقرة: من الآية 183]،  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) ]البقرة[،  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة: من الآية 254]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النّساء]،(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)[النّساء: من الآية 29]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ) [المائدة: من الآية 2]، هذا هو الإسلام لذلك تطيع في كلّ ما أمر وتنتهي عن كلّ ما نهى عنه وزجر.

(أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ): لماذا لم يقل: يرحمهم؟ الجواب: للتّرغيب، كقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا)[مريم]، سين المستقبل، فأنت تنتظر دائماً في كلّ يومٍ رحمة الله تعالى لذلك جاءت سين المستقبل.

(إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ): عزيزٌ لا يُغلب، وحكيمٌ يضع الأمور في نصابها.


(([1] مصنّف ابن أبي شيبة: كتاب الأدب، ما ذكر في حسن الخُلق وكراهية الفحش، الحديث رقم (25320).
(([2] صحيح البخاريّ: كتاب الإيمان، باب الإيمان وقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «بني الإسلام على خمس»، الحديث رقم (8).

تشبه هذه الآية في إعرابها الآية 68 تقريباً.

أُولئِكَ: اسم إشارة مبتدأ

(سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ): في محل رفع خبر.

إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ: إنَّ واسمها وخبراها والجملة تعليلية لا محل لها.

(أولئك): مستأنفة.

أَوْلِياءُ بَعْضٍ: أي يتناصرون ويتعاضدون، من الولاية: وهي النصرة في الشدائد، والأخوة والمحبة، وهي ضد العداوة

إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ: لا يعجزه شيء عن إنجاز وعده ووعيده، فيعز من أطاعه، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين

حَكِيمٌ: لا يضع شيئًا إلا في محله