الآية رقم (71) - وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

والضّدّ يُظهر حسنه الضّدّ، المولى سبحانه وتعالى عندما تحدّث عن المنافقين والمنافقات قال: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) بينما قال عن المؤمنين: (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)، ما هو الفارق؟ النّفاق يستجمع الشّرور كلّها بشرٍّ واحدٍ، القبح والكذب والنّميمة والغيبة.. هذه الأمور كلّها مجتمعة، فلا يحتاج الشّرّ إلى تواصي، أمّا الخير فمتعدّدٌ، فالإنسان قد يكون عنده هنا خيرٌ وهنا سوءٌ، فيحتاج إلى أولياء، فكلٌّ منهم يأخذ من خطأ الآخر نصيباً ليُعلّمه أو ليصحّحه، فأنت تكون مستقيماً لا تكذب وهناك إنسان يكون جيّداً في كثيرٍ من الأمور لكنّه يكذب، فالصّادق يستطيع التّأثير، وأن يكون وليّاً لمن خدش الإيمان بأمرٍ ما، لذلك قال: (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)؛ لقوله سبحانه وتعالى: (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3))  [العصر]، ولم يقل: (ووصّوا بالحقّ) فأنت اليوم موصٍّ بهذا الخُلق وغداً تكون موصّى.

(يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ): يأمرون بالشّيء المتعارف عليه والأمر الّذي يؤدّي إلى الخير للغير، وذلك عندما لا تسرق من مال الآخرين وعندما لا تكذب على الآخرين وعندما لا تغتاب الآخرين وعندما تؤمر بأن تقول الحُسنى ويقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ أحبّكم إليّ وأقربكم منّي يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً»([1])، من الّذي يستفيد من خُلُقك أنت؟ الآخر يستفيد، وهذه الخيريّة هي الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، المجتمع بما تعارف عليه وتوافق عليه من قيمه النّاظمة الأخلاقيّة الّتي جاءت بالرّسالات السّماويّة.

تشبه هذه الآية في إعرابها الآية 68 تقريباً.

أُولئِكَ: اسم إشارة مبتدأ

(سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ): في محل رفع خبر.

إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ: إنَّ واسمها وخبراها والجملة تعليلية لا محل لها.

(أولئك): مستأنفة.

أَوْلِياءُ بَعْضٍ: أي يتناصرون ويتعاضدون، من الولاية: وهي النصرة في الشدائد، والأخوة والمحبة، وهي ضد العداوة

إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ: لا يعجزه شيء عن إنجاز وعده ووعيده، فيعز من أطاعه، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين

حَكِيمٌ: لا يضع شيئًا إلا في محله