الآية رقم (3) - وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى

﴿قَدَّرَ فَهَدَى﴾: مثال: عمليّة الإنبات، فحين نضع الحبّة في التّربة ونرويها فإنّها تنفلق إلى نصفين، ويخرج منها جذرٌ يتّجه إلى الأسفل وبرعمٌ دقيقٌ يتّجه إلى الأعلى، ويظلّ الجذر يتغذّى من الفلقتين ففيها القوت الذّاتيّ حتّى يصبح قادراً على امتصاص غذائه من التّربة، وعندما يصبح نباتاً كاملاً فإنّه يمتصّ العناصر الّتي يحتاجها دون غيرها، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الرّعد]، فالقرآن الكريم خاطب العقول فقال: ﴿يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ﴾ فأتى بالماء؛ لأنّه المذيب للعناصر كلّها، ولكن مَن الّذي ألهم النّبات أن يمتصّ هذا العنصر ويترك هذا؟  وهل له عقلٌ يفكّر به ويختار؟

وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى: الجملة معطوفة على ما قبلها.

قَدَّرَ: جعل الأشياء على مقادير مخصوصة، فوضع قدرا لكل حي، وقدّر أجناس الأشياء وأنواعها وأشخاصها ومقاديرها وصفاتها وأفعالها وآجالها حسبما تقتضي مدة بقائها.

فَهَدى: عرّفه وجه الانتفاع بما خلق له، وبيّن له طريق الخير والشر بالميول والإلهامات وإقامة الدلائل وإنزال الآيات