كانت عدَّةُ الوفاة فِي ابتداء الإسلام حَوْلاً كاملاً وكان يَحْرُم على الوارث إخراجُهَا من البيت قبل تمام الحول، وكانت نفقتها وسكنها واجبةٌ فِي مال زوجها تلك السَّنةَ ما لَم تَخرُج، ولم يكن لها الميراث، فإن خرجت من بيت زوجها سقطت نفقتها، وكان على الرّجل أن يُوصِيَ بها، فكان كذلك حتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الميراث، فنسخ اللَّه سبحانه وتعالى نفقةَ الحَول بالرُّبع والثُّمن، ونسخ عدّة الحول بأربعة أشهر وعشراً.
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ): طبعاً عندما نسمع المتعة والمتاع هنا دائماً تتعلّق بالنّفقة، النّفقة على الزّوجة.
(غَيْرَ إِخْرَاجٍ): أي: لا يجوز لأحد أن يُخرج المرأة من بيت الزّوجيّة بالإكراه.
(فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ): فإذا خرجت فلا يوجد مشكلة لماذا؟ لأنّ هذه وصيّة، وصيّة الحول الكامل أي السّنة الكاملة وصيّة وصّى فيها بأن يسمح لها بأن تبقى ويوصي الزّوج أن تبقى حولاً كاملاً هنا، (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ): فإذا خرجت المرأة بعد العدّة خرجت قبل إتمام العام الكامل فلا يوجد مشكلة في ذلك.
(مِن مَّعْرُوفٍ): الأمر الّذي يريد أن يشيعه الإسلام والقرآن هو المعروف وهو الخير في المجتمع، وليس القسر والإجبار على المرأة، من أجل الحفاظ على حقوق المرأة.
(وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ): لماذا ذيّل الآية هنا بـ (عَزِيزٌ حَكِيمٌ)؟ كلّ تذييل لآية من الآيات يكون هناك حكمة إلهيّة، هنا تشريع يأمر به المولى سبحانه وتعالى أنّه لا يجوز عندما يوصي الرّجل بأن تبقى حولاً كاملاً أن تُخرج المرأة، فإذاً هنا دين، الأحكام الّتي ترد فيما يتعلّق بالطّلاق والعدّة و.. هي دين، وطالما أنّها دين فإذاً الله سبحانه وتعالى يذيّل الآية: (وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ): أي أنّ الله سبحانه وتعالى غنيّ عن عبادة خلقه، العزيز هو المستغني عن عبادة خلقه، والعزيز الّذي لا يُغلب، والعزيز هو من تحتاجه ولا يحتاجك، فإذاً هو مستغن عن عبادة خلقه، فإذاً عزيز وحكيم فيما شرع من أحكام لضبط حركة الطّلاق في المجتمع.