والحقّ أنّه تصدر من الذّكر انفعالات لتصل إلى الجوارح وتباشر القلب، فعندما يذكر المؤمن الله فإنّه يذكر كلّ أوامر الله وينتهي عن نواهيه، هذا هو المقصود بذكر الله، لذلك أيّ استغفار الشّرط الأساسيّ في صحّته هو عدم الإصرار، لذلك جاء حبيب بن الحارث إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله! إنّي رجل مِقرافٌ، قال: «فتُب إلى الله يا حبيب»، قال: يا رسول الله، إنّي أتوب ثمّ أعود، قال: «فكلّما أذنبت فتب»، قال: يا رسول الله، إذاً تكثر ذنوبي، قال: «عفو الله أكبر من ذنوبك يا حبيب بن الحارث»([3])، عفو الله يسع الذّنوب بشرط أنّك عندما تتوب تعقد العزم على عدم العودة إلى الذّنب، فعفو الله أكبر من كلّ الذّنوب وعلى هذا الشّرط، ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزّمر]، فالله رحمن رحيم، وكلّ النّاس يتكّلون على رحمته، والمهمّ أن يعقدوا العزم على عدم الإصرار على ارتكاب الذّنوب.