الآية رقم (135) - وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ

والحقّ أنّه تصدر من الذّكر انفعالات لتصل إلى الجوارح وتباشر القلب، فعندما يذكر المؤمن الله فإنّه يذكر كلّ أوامر الله وينتهي عن نواهيه، هذا هو المقصود بذكر الله، لذلك أيّ استغفار الشّرط الأساسيّ في صحّته هو عدم الإصرار، لذلك جاء حبيب بن الحارث إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله! إنّي رجل مِقرافٌ، قال: «فتُب إلى الله يا حبيب»، قال: يا رسول الله، إنّي أتوب ثمّ أعود، قال: «فكلّما أذنبت فتب»، قال: يا رسول الله، إذاً تكثر ذنوبي، قال: «عفو الله أكبر من ذنوبك يا حبيب بن الحارث»([3])، عفو الله يسع الذّنوب بشرط أنّك عندما تتوب تعقد العزم على عدم العودة إلى الذّنب، فعفو الله أكبر من كلّ الذّنوب وعلى هذا الشّرط، ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزّمر]، فالله رحمن رحيم، وكلّ النّاس يتكّلون على رحمته، والمهمّ أن يعقدوا العزم على عدم الإصرار على ارتكاب الذّنوب.

 


([1]) كنز العمّال: ج4، ص218، الحديث رقم (10238).
([2]) صحيح البخاريّ: كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، الحديث رقم (52).
(([3] مجمع الزّوائد ومنبع الفوائد: ج 10، الحديث رقم (17531)، ومِقراف: صيغة مبالغة من قارف: يُقال: قارف الخطيئة: أي خالطها.

وَالَّذِينَ: عطف على الذين قبلها

إِذا: ظرف للمستقبل

فَعَلُوا فاحِشَةً: فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة في محل جر بالإضافة

أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ: الجملة معطوفة على ما قبلها

ذَكَرُوا اللَّهَ: فعل ماض والواو فاعل ولفظ الجلالة مفعول به والجملة جواب الشرط إذ لا محل لها

فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ: ماض وفاعله والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما والجملة معطوفة بالفاء على ما قبلها

وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ: الواو استئنافية من اسم استفهام مبتدأ وجملة يغفر الذنوب خبره إلا أداة حصر

اللَّهَ: لفظ الجلالة بدل من الضمير المستتر في يغفر مرفوع بالضمة وجملة ومن يغفر استئنافية.

وَلَمْ يُصِرُّوا: الواو عاطفة يصروا فعل مضارع مجزوم بحذف النون والواو فاعل

عَلى ما فَعَلُوا: ما مصدرية أو موصولة والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بيصروا

وَهُمْ يَعْلَمُونَ: الجملة حالية وجملة يعلمون خبر هم.

فاحِشَةً الفاحشة: الذنب الكبير والفعل القبيح الذي يتعدى أثره إلى الغير كالزنا والغيبة ونحوهما.

وظلم النفس: هو الذنب الذي يقتصر أثره على الفاعل كشرب الخمر ونحوه.

ذَكَرُوا اللَّ:هَ تذكروا وعده ووعيده، وأمره ونهيه، وعظمته وجلاله.

يُصِرُّوا: يداوموا

والمراد شرعًا بالإصرار على الذنب: الاستمرار في فعل القبيح دون إقلاع عنه من غير تراجع ولا استغفار ولا توبة

وَهُمْ يَعْلَمُونَ: أن الذي أتوه معصية.