الآية رقم (135) - وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ

﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً﴾: الفاحشة هي الكبيرة، وقد وردت في القرآن عند الكلام عن الزّنى؛ لأنّ فيه خلطاً للأنساب وانتهاكاً للأعراض، والإسلام يريد التّمام والكمال والشّرف والأخلاق.

﴿أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ﴾: أو ظلموا أنفسهم بارتكاب الصّغائر، هكذا فسّرها العلماء، وقد قال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار»([1])، إذا أصرّ الإنسان على الصّغيرة تصبح كبيرة، ولا كبيرة مع الاستغفار؛ لأنّ الله يغفر الذّنوب جميعاً، لذلك قال: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ هل المقصود بذكر الله أن يرتكب المرء كلّ الموبقات ثمّ يقول: سبحان الله؟! المقصود هؤلاء عندما فعلوا فاحشة واقترفوا الذّنوب لم يكن الله في بالهم، نسوا الله، ثمّ تذكّروا أوامر الله وتذكّروا قدرته وتذكّروا عذابه، فالذّكر في اللّسان يحرّك الوجدان، أي أن تنفعل كلّ الجوارح وأوّل هذه الجوارح القلب، «ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب»([2])، كما قال الصّادق المصدوق صلَّى الله عليه وسلَّم

وَالَّذِينَ: عطف على الذين قبلها

إِذا: ظرف للمستقبل

فَعَلُوا فاحِشَةً: فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة في محل جر بالإضافة

أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ: الجملة معطوفة على ما قبلها

ذَكَرُوا اللَّهَ: فعل ماض والواو فاعل ولفظ الجلالة مفعول به والجملة جواب الشرط إذ لا محل لها

فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ: ماض وفاعله والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما والجملة معطوفة بالفاء على ما قبلها

وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ: الواو استئنافية من اسم استفهام مبتدأ وجملة يغفر الذنوب خبره إلا أداة حصر

اللَّهَ: لفظ الجلالة بدل من الضمير المستتر في يغفر مرفوع بالضمة وجملة ومن يغفر استئنافية.

وَلَمْ يُصِرُّوا: الواو عاطفة يصروا فعل مضارع مجزوم بحذف النون والواو فاعل

عَلى ما فَعَلُوا: ما مصدرية أو موصولة والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بيصروا

وَهُمْ يَعْلَمُونَ: الجملة حالية وجملة يعلمون خبر هم.

فاحِشَةً الفاحشة: الذنب الكبير والفعل القبيح الذي يتعدى أثره إلى الغير كالزنا والغيبة ونحوهما.

وظلم النفس: هو الذنب الذي يقتصر أثره على الفاعل كشرب الخمر ونحوه.

ذَكَرُوا اللَّ:هَ تذكروا وعده ووعيده، وأمره ونهيه، وعظمته وجلاله.

يُصِرُّوا: يداوموا

والمراد شرعًا بالإصرار على الذنب: الاستمرار في فعل القبيح دون إقلاع عنه من غير تراجع ولا استغفار ولا توبة

وَهُمْ يَعْلَمُونَ: أن الذي أتوه معصية.