﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً﴾: الفاحشة هي الكبيرة، وقد وردت في القرآن عند الكلام عن الزّنى؛ لأنّ فيه خلطاً للأنساب وانتهاكاً للأعراض، والإسلام يريد التّمام والكمال والشّرف والأخلاق.
﴿أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ﴾: أو ظلموا أنفسهم بارتكاب الصّغائر، هكذا فسّرها العلماء، وقد قال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار»([1])، إذا أصرّ الإنسان على الصّغيرة تصبح كبيرة، ولا كبيرة مع الاستغفار؛ لأنّ الله يغفر الذّنوب جميعاً، لذلك قال: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ﴾ هل المقصود بذكر الله أن يرتكب المرء كلّ الموبقات ثمّ يقول: سبحان الله؟! المقصود هؤلاء عندما فعلوا فاحشة واقترفوا الذّنوب لم يكن الله في بالهم، نسوا الله، ثمّ تذكّروا أوامر الله وتذكّروا قدرته وتذكّروا عذابه، فالذّكر في اللّسان يحرّك الوجدان، أي أن تنفعل كلّ الجوارح وأوّل هذه الجوارح القلب، «ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب»([2])، كما قال الصّادق المصدوق صلَّى الله عليه وسلَّم