الآية رقم (42) - وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

﴿لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾: لماذا جاءت الجملة الاعتراضيّة هنا؟ الجواب: جاءت لتبيّن عظمة هذا القرآن الكريم، أي أنّ الله سبحانه وتعالى عندما يخاطب بني آدم يقول لهم: إيّاكم أن تعتقدوا أنّ منهج الخير ومنهج الإيمان هو فوق طاقتكم، صحيحٌ بأنّه يحدّ من شهواتكم ومن بعض الأمور الّتي تطلبها النّفس بشهوةٍ، فالدّين يكبح ويضبط الشّهوات ولا يلغيها، هناك شهوة الجنس ترك لها مصرفاً وهو الزّواج، وشهوة الطّعام ترك لها مصرفاً الأطعمة كلّها باستثناء لحم الخنزير، وهناك الأشربة كلّ شيءٍ حلالٌ إلّا الخمر، ترك مصرفاً حتّى يعلم الإنسان بأنّه إذا كلّفه فبوسعه، فعندما يقول: بأنّني أمرت بالصّيام شهراً كاملاً، فهل هذا بوسعي؟ ما دمت ترى إنساناً يصوم فاعلم أنّه بوسعك أن تصوم، قال: صم من الفجر إلى غروب الشّمس، إذاً ذلك باستطاعتك، قال: أدّ الصّلاة خمس مرّات، إذاً ذلك باستطاعتك، قال: أخرج من مالك هذا المقدار كزكاةٍ، فذلك باستطاعتك، أمرك بالحجّ، فذلك باستطاعتك، أمرك بعدم الغيبة، فباستطاعتك ألّا تغتاب، أمرك بعدم الكذب، فباستطاعتك أن تكون صادقاً.. فإيّاكم أن تعتقدوا أنّ دخول الجنّة معقّدٌ لهذه الدّرجة، لذلك قال سبحانه وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾، أي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات واعترضها بجملةٍ اعتراضيّةٍ أنّهم آمنوا وعملوا الصّالحات ضمن طاقتهم، وليس فوق طاقتهم؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى إن كان أمر بأمرٍ ثمّ طرأ على الإنسان طارئٌ فلم يعد بمقدوره تحقيقه خفّفه الله سبحانه وتعالى عنه، كقوله سبحانه وتعالى: ﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون﴾ [البقرة]، الصّلاة إن لم تستطعها قائماً صلّيتها قاعداً، الزّكاة إن لم يوجد لديك مالٌ بلغ النّصاب فلا زكاة عليك، الحجّ لمن استطاع إليه سبيلاً.


([1]) المعجم الكبير للطّبرانيّ: باب الألف، أنس بن مالك الأنصاريّ، الحديث رقم (751).
(([2] صحيح مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان، الحديث رقم (35).

وَالَّذِينَ: اسم موصول مبتدأ

وجملة (آمَنُوا): صلة الموصول لا محل لها.

وَعَمِلُوا: الجملة معطوفة

الصَّالِحاتِ: مفعول به لعملوا منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم والجملة الفعلية معطوفة

لا نُكَلِّفُ: مضارع ولا نافية.

نَفْساً: مفعول به أول.

إِلَّا: أداة حصر

وُسْعَها: مفعول به ثان والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن والجملة اعتراضية

أُولئِكَ: اسم اشارة مبتدأ

أَصْحابُ: خبر والجملة الاسمية خبر الذي.

الْجَنَّةِ: مضاف إليه

هُمْ: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ

فِيها: متعلقان بالخبر

خالِدُونَ: خبره والجملة في محل نصب حال.

وُسْعَها: طاقتها من العمل في الأحوال العادية، لا في وقت الشدة والضيق.