الآية رقم (57) - وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً

عندما تحدّث المولى سبحانه وتعالى عن جهنّم والّذين كفروا قال: ﴿سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا﴾، بينما عندما تحدّث عن الجنّة قال جلّ وعلا: ﴿سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ﴾، فاستخدام ﴿سَوْفَ﴾، أي كأنّ هناك وقتاً، أمّا استخدام (السّين) ﴿سَنُدْخِلُهُمْ﴾ فهذا يعني أنّها قريبةٌ؛ لأنّ الجنّة دائماً تكون قريبةً من المؤمن، بينما يشعر الكافر والّذي يُمارس الشّرور على الأرض بأنّ هناك أمداً طويلاً، وكأنّ الموت لن يطرق بابه، وهو أقرب إليه من حبل الوريد.

﴿جَنَّاتٍ﴾: الجنّة: من جنّ أي ستر، وهي غابةٌ كثيفةٌ من الأشجار تستر ما تحتها من كثافة أغصانها، هذا المعنى اللّغويّ لكلمة الجنّة، وعادةً عندما تُوضع كلمةٌ في اللّغة العربيّة أو في أيّ لغةٍ في العالم اسماً لشيء ما يكون هذا الشّيء معروفاً وموجوداً، ويعيه الإنسان، ولكن عندما توضع العبارة لأمرٍ غيبيٍّ لا يُعرف يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ [الرّعد: من الآية 35]، فمثلاً لو قلت: التّلفاز، ولم يكن قد اختُرع بعد، لا يمكن أن تتصوّر ما هو التّلفاز، وعندما تقول: جنّة فالنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال عن الجنّة: «قال الله تعالى: أعددتُ لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ»([1])، طالما فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ: اسم الموصول مبتدأ وجملة آمنوا صلته وجملة عملوا الصالحات معطوفة

سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ: فعل مضارع ومفعولاه والسين للإستقبال والجملة خبر المبتدأ

تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ: فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور والأنهار فاعله والجملة صفة جنات «خالِدِينَ» حال منصوبة بالياء تعلق بها الجار والمجرور بعدها وظرف الزمان «أَبَداً» .

لَهُمْ: متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ «أَزْواجٌ»

فِيها: متعلقان بمحذوف حال من أزواج

مُطَهَّرَةٌ: صفة أزواج والجملة مستأنفة لا محل لها

وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا: فعل مضارع والهاء مفعوله الأول ظلا المفعول الثاني ظليلا صفة والجملة معطوفة.

مُطَهَّرَةٌ: من العيوب والأدناس الحسية كالحيض والمعنوية.

خالِدِينَ: دائمين.

ظِلًّا ظَلِيلًا: ظلّاً وارفاً دائماً لا تنسخه شمس ولا يصحبه حرّ ولا برد، وهو ظلّ الجنّة.

وهذه صيغة مبالغة وتأكيد، مثل قولهم: ليل أليل. وقد يعبر بالظل عن العزة والنعمة والرفاهية، فيقال: «السلطان ظل الله في أرضه» .