عندما تحدّث المولى سبحانه وتعالى عن جهنّم والّذين كفروا قال: ﴿سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا﴾، بينما عندما تحدّث عن الجنّة قال جلّ وعلا: ﴿سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ﴾، فاستخدام ﴿سَوْفَ﴾، أي كأنّ هناك وقتاً، أمّا استخدام (السّين) ﴿سَنُدْخِلُهُمْ﴾ فهذا يعني أنّها قريبةٌ؛ لأنّ الجنّة دائماً تكون قريبةً من المؤمن، بينما يشعر الكافر والّذي يُمارس الشّرور على الأرض بأنّ هناك أمداً طويلاً، وكأنّ الموت لن يطرق بابه، وهو أقرب إليه من حبل الوريد.
﴿جَنَّاتٍ﴾: الجنّة: من جنّ أي ستر، وهي غابةٌ كثيفةٌ من الأشجار تستر ما تحتها من كثافة أغصانها، هذا المعنى اللّغويّ لكلمة الجنّة، وعادةً عندما تُوضع كلمةٌ في اللّغة العربيّة أو في أيّ لغةٍ في العالم اسماً لشيء ما يكون هذا الشّيء معروفاً وموجوداً، ويعيه الإنسان، ولكن عندما توضع العبارة لأمرٍ غيبيٍّ لا يُعرف يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ [الرّعد: من الآية 35]، فمثلاً لو قلت: التّلفاز، ولم يكن قد اختُرع بعد، لا يمكن أن تتصوّر ما هو التّلفاز، وعندما تقول: جنّة فالنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال عن الجنّة: «قال الله تعالى: أعددتُ لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ»([1])، طالما فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ