الآية رقم (191) - وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ

(حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ): إن هم قاتلوكم وبدأوكم القتال عند المسجد الحرام، عندها تردّ عن نفسك، ولا يمكنك القول: لا يجوز القتال في المسجد الحرام، فكيف لا أدافع عن نفسي إذا أتى من يقتلني.

(فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ): انظروا لأداة الشّرط، (فَإِن قَاتَلُوكُمْ) وليس اقتلوهم بدون سبب، فإن قاتلوكم فردّوا العدوان. هذه الآيات نزلت بعد صلح الحديبية الّذي جرى بين قريش والنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم في السّنة السّادسة للهجرة عندما خرج النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وخرج معه المسلمون، وقد اشتاقوا إلى زيارة البيت الحرام والطّواف حوله، ووصلوا إلى الحديبية على مشارف مكّة وجرت مفاوضات بين النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وبين المشركين، واتّفق معهم على أن يعود ولا يدخل مكّة في هذا العام، لكن عندها صَعُبَ على المسلمين كيف قَبِلَ أن يعود دون دخول مكّة وأن يعود في العام المقبل، وكادوا أن يرفضوا إلّا أن يدخلوا مكّة عنوة ولو بالقتال، فاشتدّ ذلك على النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فدخل على زوجه أمّ سَلمة رضي الله عنها، وهنا نرى أثر الزّوجة وأثر مشورتها، ونرى أهميّة دور المرأة، فقال: هلك المسلمون، أمرتهم أن يحلقوا وينحروا فلم يفعلوا، قالت أمّ سَلمة: يا نبيّ الله، أتحبّ ذلك؟ اخرج ثمّ لا تكلّم أحداً منهم، فإنّهم قد دخلهم أمر عظيم مّما أدخلت على نفسك من المشقّة في أمر الصّلح ورجوعهم بغير فتح، فأشارت عليه أن يتحلّل، وعرف النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم صواب ما أشارت به ففعله، فلمّا رأى الصّحابة ذلك بادروا إلى فعل ما أمرهم به، وكان اتّفاق الحديبية هذا فتحاً كبيراً، وعندما رجع صلَّى الله عليه وسلَّم نزل قوله سبحانه وتعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا) [الفتح]، وقد عدّ الصّحابة الفتح المقصود في الآية هو الصّلح مع أهل مكّة.

(كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ): إذاً جزاء الكافرين المعتدين الّذين اعتدوا وبيّنت الآيات هذه الأحكام.

وَاقْتُلُوهُمْ: الواو عاطفة اقتلوهم فعل أمر والواو فاعل والهاء مفعول به والجملة معطوفة.

حَيْثُ: ظرف مكان مبني على الضم في محل نصب متعلق باقتلوهم.

ثَقِفْتُمُوهُمْ: فعل ماض وفاعل والميم علامة جمع الذكور والواو زائدة للإشباع، والهاء مفعول به والميم للذكور الغائبين، والجملة في

محل جر بالإضافة.

وَأَخْرِجُوهُمْ: الواو عاطفة والجملة معطوفة على واقتلوهم.

مِنْ حَيْثُ: جار ومجرور متعلقان بالفعل أخرجوهم.

أَخْرَجُوكُمْ: الجملة في محل جر بالإضافة.

وَالْفِتْنَةُ: الواو اعتراضيه الفتنة مبتدأ.

أَشَدُّ: خبره.

مِنَ الْقَتْلِ: متعلقان بأشد والجملة اعتراضية.

وَلا تُقاتِلُوهُمْ: الواو عاطفة ولا ناهية تقاتلوهم فعل مضارع مجزوم بحذف النون والواو فاعل والهاء مفعول به والجملة معطوفة.

عِنْدَ: ظرف مكان متعلق بيقاتلوهم.

الْمَسْجِدِ: مضاف إليه.

الْحَرامِ: صفة.

حَتَّى: حرف غاية وجر.

يُقاتِلُوكُمْ: فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد حتى والواو فاعله والكاف مفعوله.

فِيهِ: متعلقان بقاتلوكم والمصدر المؤول في محل جر بحتى، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما.

فَإِنْ: الفاء استئنافية.

قاتَلُوكُمْ: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، والواو فاعل، والكاف مفعول به، وهو في محل جزم فعل الشرط إن.

فَاقْتُلُوهُمْ: الفاء رابطة لجواب الشرط اقتلوهم فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والهاء مفعول به والجملة في محل جزم

جواب الشرط.

كَذلِكَ: الكاف حرف جر ذلك اسم إشارة في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

جَزاءُ: مبتدأ مؤخر.

الْكافِرِينَ: مضاف إليه مجرور بالياء والجملة الاسمية استئنافية.

ثَقِفْتُمُوهُمْ: وجدتموهم وأدركتموهم.

مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ: أي من مكة، وقد فعل بهم ذلك عام فتح مكة.

وَالْفِتْنَةُ: الشرك منهم أعظم من القتل لهم في الحرم أو الإحرام الذي استعظمتموه.

وقيل: إنَّ المراد بالفتنة: ما يقع من المشركين من صنوف الإيذاء والتعذيب.

عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ: أي في الحرم.

كَذلِكَ: أي القتل والإخراج.