﴿وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾: لذلك قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾] الأنعام: من الآية 159[، فالإسلام يوحّد ولا يفرّق، فمَن يقول: إنّ الإسلام قد قسّم النّاس إلى مذاهب، نقول له: ليس الإسلام مَن قسّم النّاس، وإنّما جهل النّاس هو الّذي أدّى بهم إلى هذا التّقسيم، أمّا المذاهب فهي مذاهب علميّة وفكريّة واجتهاديّة، لتوحّد النّاس، جاءت للاجتهاد في الفروع، وليس للاجتهاد في الأصول، فالأصول ثابتة، ولا ضير في الاختلاف في الفروع.
﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ﴾: ما هي نعمة الله الأساسيّة الّتي أراد الله تبارك وتعالى أن نذكرها باستمرار؟ إنّها حالة الألفة.
﴿إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ﴾: وهذا مصداق قول النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أبدعوى الجاهليّة؟»، فما هي دعوى الجاهليّة؟
هي دعوى النّزاع والشّقاق والخلاف والصّراع والقتال، في حين جاء الإسلام فألّف بين القلوب، ﴿لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾ [الأنفال: من الآية 63]، فالله سبحانه وتعالى ألّف بالإسلام، فكلّ دعوة للتّفرقة هي دعوة ضدّ الإسلام.
﴿فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾: قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: من الآية 10]، هذه هي الأخوّة الإيمانيّة، فمبدأ الأخوّة، ومبدأ الإنسانيّة، وتكريم بني آدم، والحفاظ على حقوق الإنسان، كلّها مفردات جاءت تحت عنوان تأليف الله سبحانه وتعالى بين القلوب، وطلبه جلّ وعلا عدم التّفرقة والشّقاق.