الآية رقم (103) - وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

﴿وَلاَ تَفَرَّقُواْ: لذلك قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ] الأنعام: من الآية 159[، فالإسلام يوحّد ولا يفرّق، فمَن يقول: إنّ الإسلام قد قسّم النّاس إلى مذاهب، نقول له: ليس الإسلام مَن قسّم النّاس، وإنّما جهل النّاس هو الّذي أدّى بهم إلى هذا التّقسيم، أمّا المذاهب فهي مذاهب علميّة وفكريّة واجتهاديّة، لتوحّد النّاس، جاءت للاجتهاد في الفروع، وليس للاجتهاد في الأصول، فالأصول ثابتة، ولا ضير في الاختلاف في الفروع.

﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ: ما هي نعمة الله الأساسيّة الّتي أراد الله تبارك وتعالى أن نذكرها باستمرار؟ إنّها حالة الألفة.

﴿إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ: وهذا مصداق قول النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أبدعوى الجاهليّة؟»، فما هي دعوى الجاهليّة؟

هي دعوى النّزاع والشّقاق والخلاف والصّراع والقتال، في حين جاء الإسلام فألّف بين القلوب، ﴿لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ[الأنفال: من الآية 63]، فالله سبحانه وتعالى ألّف بالإسلام، فكلّ دعوة للتّفرقة هي دعوة ضدّ الإسلام.

﴿فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا: قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[الحجرات: من الآية 10]، هذه هي الأخوّة الإيمانيّة، فمبدأ الأخوّة، ومبدأ الإنسانيّة، وتكريم بني آدم، والحفاظ على حقوق الإنسان، كلّها مفردات جاءت تحت عنوان تأليف الله سبحانه وتعالى بين القلوب، وطلبه جلّ وعلا عدم التّفرقة والشّقاق.

وَاعْتَصِمُوا: فعل أمر وفاعل والجملة معطوفة

بِحَبْلِ: متعلقان باعتصموا

اللَّهِ: لفظ الجلالة مضاف إليه

جَمِيعاً: حال

وَلا تَفَرَّقُوا: لا ناهية وفعل مضارع مجزوم بحذف النون

وَاذْكُرُوا: فعل أمر مبني على حذف النون والجملة معطوفة على ما قبلها

نِعْمَتَ اللَّهِ: مفعول به ولفظ الجلالة مضاف إليه

عَلَيْكُمْ: متعلقان بنعمة

إِذْ: ظرف لما مضى من الزمن متعلق باذكروا المحذوفة

كُنْتُمْ أَعْداءً: كان واسمها وخبرها والجملة في محل جر بالإضافة.

فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ: بين ظرف مكان متعلق بالفعل ألف والجملة معطوفة وكذلك جملة «فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً» والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال لأنهما تقدما عليه

إِخْواناً: خبر أصبح

وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ: على شفا متعلقان بمحذوف خبر كنتم من النار متعلقان بمحذوف صفة لحفرة والجملة معطوفة وجملة «فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها» معطوفة أيضا.

كَذلِكَ: متعلقان بمحذوف حال أو مفعول مطلق

يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ: فعل مضارع ولفظ الجلالة فاعل وآياته مفعول به منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم لكم متعلقان بيبين

لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ: لعل واسمها وجملة تهتدون خبرها وجملة لعلكم استئنافية.

وَاعْتَصِمُوا: تمسكوا

بِحَبْلِ اللَّهِ: هو العهد أو الدين أو القرآن أو الإسلام، وكل ذلك مترادف المعنى

شَفا حُفْرَةٍ: طرف حفرة، وأشفى على الشيء: أشرف عليه.

وهو مثل يضرب في القرب من الهلاك. وأريد به هنا القرب من النار أي ليس بينكم وبين الوقوع في النار إلا أن تموتوا كفارًا

فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها: بالإيمان

كَذلِكَ: كما بيّن لكم ما ذكر يبين لكم الآيات.