وذكر الله تعالى هو تسبيحه وتنزيهه، لذلك قال عز وجل: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [الأعلى]، فكيف لا تسبّح الله تعالى، وأنت أيّها الإنسان سيّد هذا الكون؟! بينما الكلّ يسبّح لله عز وجل، فعليك أن تكون مسبِّحاً، ولا بدّ أن تصل تسبيحك بتسبيح هذه المخلوقات كلّها، فاذكر ربّك؛ لأنّه بذكرك له سيذكرك في الملأ الأعلى، قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: من الآية 152]، فالله تعالى يريد من عباده الذّكر، وكلّما ذكروه عز وجل وشكروه شكرهم وزادهم، والله تعالى يقول في حديث قدسيّ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ»([1]).
فمعنى قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ﴾؛ أي: اذكر اسم ربّك في كلّ شيءٍ، في نِعَمِه وعطائه وستره ورحمته وتوبته، فـ ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ﴾ تذكيرٌ لك بما حباك به من أفضالٍ، خلقك وربّاك وأعطاك من فيض نِعَمِه ما لا يُعَدّ ولا يُحصَى، فاذكر اسم ربّك؛ لأنّك إن لم تعشقه تكليفاً فأنت قد عشقته؛ لأنّه ممدّك بالنِّعَم، فاذكر ربّك وسبّح باسمه عز وجل بكرةً وأصيلاً، وفي آيةٍ أخرى يقـول عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب].
([1]) صحيح البخاريّ: كِتَابُ التَّوْحِيدِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﱣﳂ ﳃ ﳄﳅﱢ [آل عمران: 28]، الحديث رقم (7405).