الآية رقم (3) - وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ

﴿ غَيْرَ مَمْنُونٍ: غير مقطوع ولا ممنوع.

فالحقّ تعالى أعدّ رسوله ﷺ ليستقبل النّبوّة بقوّة الفعل، لا بسفه الرّأي، وله في إبلاغ رسالة الله عز وجل ثوابٌ لا مقطوع ولا ممنوع، فجزاؤه ﷺ موصولٌ لا منقوص، لذلك ندعو دائماً: اللّهمّ عاملنا بالفضل لا بالعدل، وبالإحسان لا بالميزان، وبالجبر لا بالحساب، وبالجود لا بالمجهود؛ أي: عاملنا بالفضل لا بالعدل، وبإحسانك لا بميزانك؛ لأنّ الميزان يتعبنا، فدخول الجنّة لا يكون بالأعمال وحدها فقط، ولكن بفضل الله تعالى ورحمته، ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس]، فالفضل هو الّذي يُعطينا المنازل المتميّزة، لكنّ فضل الله تعالى شرطه العمل الصّالح، فنحن نعمل العمل الصّالح، ويُعطينا ربّنا عز وجل أضعاف ذلك، فالنّجاة لا تكون إلّا برحمة الله عز وجل وفضلٍ منه تعالى.

وهنا يقول تعالى: وأجرك يا محمّد على صبرك عليهم مؤكّدٌ ثابتٌ واقعٌ، لذلك قال تعالى: ﴿وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾، فاستخدم الحقّ تعالى ﴿وَإِنَّ ﴾، وهي للتّوكيد، ثمّ استخدم لام التّوكيد: ﴿ لَأَجْرًا﴾ زيادةً في تأكيد الأمر، ومن أجر النّبيّ ﷺ الّذي لا ينقطع ليلاً ولا نهاراً صلاة الله تعالى عليه، وصلوات الملائكة والمؤمنين عليه، يقول تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب]، وصلاة الله تعالى عليه رحمة شاملة وعامّة، ومن المؤمنين والملائكة دعاء، والصّلاة من الله تعالى على نبيّه، وصلاة الملائكة والمؤمنين عليه من الأجر غير الممنون، وهي تعني الرّحمة والعطف والحنان.

«وَإِنَّ» الواو حرف عطف وإن حرف مشبه بالفعل

«لَكَ» جار ومجرور خبر مقدم واللام المزحلقة

«أجرا» اسم إن المؤخر

«غَيْرَ» صفة أجرا

«مَمْنُونٍ» مضاف إليه والجملة معطوفة على ما قبلها.

 

{مَمْنُونٍ} … مَنْقُوصٍ، وَلَا مُنْقَطِعٍ.