الآية رقم (85) - وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ

– الأمر الثّاني: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾: ليس فقط إيفاء الكيل والميزان، لكن أيضاً عدم الاحتيال وعدم الرّشوة وعدم السّرقة…

– الأمر الثّالث: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾: بشكلٍ عامٍّ لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى خلق كلّ شيءٍ صالحاً، والفساد إنّما جاء من عند الإنسان، فالهواء صالحٌ يفسده الإنسان بالدّخان، والماء صالحٌ يفسده بالقاذورات… قال سبحانه وتعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الرّوم]، رسالة شعيبٍ رسالةٌ تتعلّق بإيفاء الكيل والميزان وعدم الفساد في الأرض وعدم بخس النّاس أشياءهم، إذاً تتعلّق بالأمر المادّيّ، ونحن نجد أنّ القرآن الكريم بيّن في سورٍ أخرى أنّ موضوع المال من أهمّ وأخطر المواضيع الّتي تتعلّق بالإنسان، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [ الأنفال].

وَإِلى مَدْيَنَ: مدين اسم مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة، اسم علم أعجمي، والجار والمجرور متعلقان بالفعل المحذوف أرسلنا.

أَخاهُمْ: مفعول به منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة. والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

شُعَيْباً: بدل منصوب، والجملة معطوفة.

قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ: تقدم نظيرها في الآية 59

قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ: فعل ماض ومفعوله وفاعله.

مِنْ رَبِّكُمْ: متعلقان بمحذوف صفة من بينة.

فَأَوْفُوا الْكَيْلَ: فعل أمر وفاعله ومفعوله والفاء هي الفصيحة، والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم.

وَلا تَبْخَسُوا: مضارع مجزوم بلا والواو فاعل

النَّاسَ: مفعول به أول

أَشْياءَهُمْ: مفعول به ثان والجملة معطوفة.

وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ: لا ناهية وفعل مضارع مجزوم

بَعْدَ: ظرف زمان متعلق بتفسدوا.

إِصْلاحِها: مضاف إليه

ذلِكُمْ: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد والكاف للخطاب.

خَيْرٌ: خبر

لَكُمْ: متعلقان بخير، والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها.

إِنْ: حرف شرط جازم

كُنْتُمْ: فعل ماض ناقص والتاء اسمها.

مُؤْمِنِينَ: خبرها منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم. والجملة استئنافية. وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله.

وَإِلى مَدْيَنَ: أي وأرسلنا إلى مدين، ومدين قبيلة عربية كانت تسكن أرض معان في شرقي الأردن، من طريق الحجاز، وهم من سلالة مدين بن إبراهيم، وكانوا يكفرون بالله، وعبدوا الملائكة من دونه، وكانوا يبخسون الناس في الكيل والوزن. وكما تطلق مدين على القبيلة، تطلق- كما ذكر ابن كثير- على المدينة المعروفة قرب معان، بدليل قوله تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ، وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ) [القصص 28/ 23] وهم أصحاب الأيكة، كما ذكر ابن كثير.

أَخاهُمْ شُعَيْباً: أي ليس أخا في الدين، وإنما هو من قبيلتهم أو من جنسهم البشري، لا من جنس الملائكة، فهي أخوة في النسب لا في الدين، وشعيب: هو ابن ميكيل بن يشجر، واسمه بالسريانية «يثرون» بعثه الله إلى أهل مدين.

بَيِّنَةٌ: حجة ظاهرة أو معجزة.

مِنْ رَبِّكُمْ: على صدقي.

فَأَوْفُوا الْكَيْلَ: أتموه.

وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ: لا تنقصوهم حقهم.

وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ: شامل لإفساد نظام المجتمع بالظلم وأكل أموال الناس بالباطل، وإفساد الأخلاق، بارتكاب الفواحش، وإفساد العمران بالجهل وعدم النظام.

بَعْدَ إِصْلاحِها: إصلاح الأرض: هو إصلاح أهلها وما فيها بغرس العقيدة الصحيحة، والأعمال الصالحة، وإعمارها بما يرقي الحالة المعيشية.