﴿وَإِلَىٰ مَدْيَنَ﴾: مدين هو اسمٌ لأحد أبناء سيّدنا إبراهيم عليه السَّلام، خرج من طور سيناء حتّى شاطئ الفرات، وهناك تزوّج وبنى قبيلةً وأصبحت هذه القبيلة يطلق عليها اسم مدين، وأصبحت البلدة بعد فترةٍ من الزّمن اسمها مدين.
﴿أَخَاهُمْ شُعَيْبًا﴾: النّبيّ شعيب عليه السَّلام
﴿أَخَاهُمْ﴾: أي أنّه منهم، يعيش معهم ويرونه ويرون حياته وكلّ شيءٍ أمامهم واضحٌ.
ما هو مرض قوم شعيب؟ في كلّ لقطةٍ أو مقطعٍ نجد مرضاً من أمراض الأقوام الّذين أرسل إليهم الأنبياء عليهم السَّلام؛ فقوم لوطٍ عليه السَّلام كانوا يفعلون الفاحشة، وقوم صالحٍ عليه السَّلام كانوا يعبدون الأصنام.. فبحسب المرض يأتي العلاج للدّاء الّذي يكون عند الأقوام.
﴿قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ﴾: عدنا إلى السّياق ذاته، الأنبياء كلّهم جاؤوا برسالةٍ واحدةٍ: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ﴾: أي أطيعوا الله سبحانه وتعالى فيما أمر وانتهوا عمّا نهى عنه وزجر.
﴿مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ﴾: هي الدّعوة إلى التّوحيد، لا إله إلّا الله.
﴿قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾: لم يبيّن شعيبٌ ما هذه البيّنة؟ هل هي معجزةٌ، أو أنّها الرّسالة الّتي جاء بها؟
﴿فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾: جاء بعدها بأربعة أمور:
– الأمر الأوّل: قال: ﴿فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ﴾ فقد كانوا ييخسون الكيل والميزان، وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَٰئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطفّفين]، جعل المولى سبحانه وتعالى من أهمّ أهداف الرّسالات السّماويّة حفظ الحقوق المادّيّة، ومنها الإيفاء بالكيل والميزان، فعندما يأمرك الله سبحانه وتعالى أن توفي الكيل والميزان فقد أمر النّاس كلّهم أن يوفوا معك الكيل والميزان.