الآية رقم (30) - وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ

﴿وَإِذْ﴾: ظرف زمانٍ، أي اذكر يا محمّد في الزّمن الّذي مكر بك الكفّار.

﴿يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾: المكر هو التّدبير بخفاء، هم قرّروا ثلاثة أمور قبل أن يهاجر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من مكّة إلى المدينة المنوّرة، اجتمعوا في دار النّدوة وتباحثوا بينهم، فمنهم من طلب أن يثبتوه عن الحركة حتّى لا يستطيع أن يدعو النّاس إلى الإسلام، ومنهم من قال: نجعل مجموعة من ممثّلي القبائل يقتلونه فيتفرّق دمه بين القبائل، ومنهم من قال: بل نخرجه خارج مكّة، ثمّ اتّفقوا على أن يختاروا من كلّ قبيلةٍ رجلاً من أشدّ رجالها فيضربونه ضربة رجلٍ واحدٍ فيتفرّق دمه بين القبائل، وأحاطوا بمنزل النّبيّ : في يوم الهجرة وخرج صلّى الله عليه وسلّم من بين أظهرهم وهو يقرأ: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [يس]، فهذه الآية تتحدّث عن الوقت الّذي بيّت المشركون بخفاءٍ للنّبيّ إمّا التّثبيت وإمّا القتل وإمّا الإخراج.

﴿وَيَمْكُرُ اللَّهُ﴾: لا يجوز أن نأخذ الاسم من الفعل فنقول: الله ماكر، فأسماء الله سبحانه وتعالى  توقيفيّة، فمكر الله جلّ جلاله هنا هو ردّ تدبيرهم بإحاطته سبحانه وتعالى  علماً بما يدبّرون، إذاً هم يمكرون ويبطل الله سبحانه وتعالى  مكرهم، فهو خير الرّادّين للمكر عن رسوله الكريم صلّى الله عليه وسلّم.

وَإِذْ: ظرف متعلق بفعل اذكر المحذوف والجملة معطوفة.

يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ: مضارع تعلق به الجار والمجرور، واسم الموصول بعده فاعل والجملة في محل جر بالإضافة.

جملة «كَفَرُوا» صلة الموصول.

لِيُثْبِتُوكَ: مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل، والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل يمكر.

أَوْ يَقْتُلُوكَ: عطف. «أَوْ يُخْرِجُوكَ» الجملة معطوفة.

وَيَمْكُرُونَ: مضارع وفاعله والجملة مستأنفة،

وَيَمْكُرُ اللَّهُ: الجملة معطوفة.

وَاللَّهُ خَيْرُ: لفظ الجلالة مبتدأ وخير خبره.

الْماكِرِينَ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم. والجملة في محل نصب حال

وَإِذْ يَمْكُرُ: أي واذكر يا محمد إذ اجتمع أهل مكة للمشاورة في شأنك بدار الندوة.

والتذكير بمكر قريش ليشكر نعمة الله عليه في خلاصه من مكرهم وتدبيرهم واستيلائه عليهم.والمكر: التدبير الخفي لإيصال المكروه إلى آخر من حيث لا يشعر.

لِيُثْبِتُوكَ: يوثقوك بالوثاق، ويحبسوك بالقيد، حتى لا تقدر على الحركة.

أَوْ يَقْتُلُوكَ: كلهم قتلة رجل واحد.

أَوْ يُخْرِجُوكَ: يطردوك من مكة.

وَيَمْكُرُونَ: بك.

ويمكر الله: بهم بتدبير أمرك بأن أوحى إليك ما دبروه وأمرك بالخروج.

وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ: أعلمهم به، وأفضل المدبرين.