الآية رقم (72) - وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ

كان في بني إسرائيل رجل غنيّ ليس له أولاد يرثونه، وله ابن أخ، فجاء في اللّيل وقتله من أجل المال من غير أن يراه أحد، وحمل جثّته إلى قرية أخرى، ووضعها أمام بيت من بيوت القرية الثّانية، ليلصق تهمة قتله بأصحاب البيت، أو بأهل القرية جميعاً، فيدفعوا ديّته بحسب العرف السّائد في ذلك الوقت، أو يأتي أربعون رجلاً منهم فيحلفون بأنّهم لم يقتلوه، فنفى أهل القرية الأمر، وصار كلّ طرف ينفي التّهمة عن نفسه: ﴿فَادَّارَأْتُمْ فِيهَاوكبر الخلاف بين القريتين فلجؤوا إلى سيّدنا موسى كي يسأل ربّه عن القاتل، فقال لهم: بأن يذبحوا بقرة. وهناك قصّة إيمانيّة أخرى، وهي أنّ رجلاً صالحاً من بني إسرائيل كان يملك بقرة صغيرة، وليس له إلّا ولد صغير، وزوجته ضعيفة، وأراد أن يترك هذه البقرة لولده، فقالت له زوجه: كيف يرعاها ويعتني بها وهو ما يزال صغيراً؟ فقال لها: سأتوكّل على الله وأستودعها عنده وأتركها، وحين يكبر ابني قولي له: بأن يتوكّل على الله ويستردّها. وهكذا أطلق البقرة في المراعي متوكّلاً على الله، فلمّا كبر الولد بعد عشرين سنة قالت له أمّه: حان الوقت كي تسترجع البقرة الّتي تركها لك أبوك، قال: وكيف أسترجعها، وأين أجدها؟! قالت: أبوك توكّل على الله واستودعها عنده، وأنت توكّل على الله واسترجعها. فقال: يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ردّ إليّ ما استودعه أبي، فهداه الله سبحانه وتعالى إليها، وكانت لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك صفراء فاقع لونها، تنطبق عليها المواصفات الّتي ذكرها الله سبحانه وتعالى لبني إسرائيل، وذلك ببركة صلاح والده، فصلاح الآباء يسري إلى الأبناء وينتفعون به، فاشتراها القوم منه بقدر وزنها ذهباً؛ لأنّ حاجتهم إليها شديدة، وليس هناك بقرة أخرى بهذه المواصفات.

وَإِذْ: الواو عاطفة، إذ تقدم إعرابها.

قَتَلْتُمْ: فعل ماض وفاعل والجملة في محل جر بالإضافة.

نَفْساً: مفعول به.

فَادَّارَأْتُمْ: الفاء عاطفة والجملة معطوفة على قتلتم.

فِيها: متعلقان بادارأتم.

وَاللَّهُ مُخْرِجٌ: الواو واو الاعتراض. الله لفظ الجلالة مبتدأ ومخرج خبر، والجملة معترضة.

ما كُنْتُمْ: ما اسم موصول مفعول به لاسم الفاعل مخرج، كنتم فعل ماض ناقص والتاء اسمها، والميم لجمع الذكور

تَكْتُمُونَ: مضارع وفاعله، والجملة خبر، وجملة كنتم صلة الموصول لا محل لها.

فَادَّارَأْتُمْ :تدارأتم بمعنى تخاصمتم وتدافعتم

وَاللَّهُ مُخْرِجٌ: مظهر تَكْتُمُونَ من أمرها.

وَاللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ: جملة اعتراضية بين قوله: (فَادَّارَأْتُمْ) وقوله (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ).

وفائدة الاعتراض إشعار المخاطبين بأنَّ الحقيقة ستنجلي حتماً.